للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الطريق يا سلمة، قال: ثم خفقني بها خفقة فما أصاب إلا طرف ثوبي، فأمطت عن الطريق، فسكت عني حتى كان في العام المقبل، فلقيني في السوق، فقال: يا سلمة أردت الحج العام؟ قلت نعم يا أمير المؤمنين، فأخذ بيدي، فما فارقت يدي يده حتى دخل بيته، فأخرج كيساً في ست مائة درهم فقال: يا سلمة استعن بهذه واعلم أنها من الخفقة التي خفقتك عام أول، قلت والله يا أمير المؤمنين، ما ذكرتها حتى ذكرتنيها قال: والله ما نسيتها بعد (١)، وكان رضي الله عنه يقول في محاسبة النفس ومراقبتها: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)} (٢)، وكان من شدة خشيته لله ومحاسبته لنفسه يقول: لو مات جدْي بطف (٣) الفرات لخشيت أن يحاسب الله به عمر (٤)، وعن علي رضي الله عنه قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قتب يعدو، فقلت: يا أمير المؤمنين أين تذهب؟ قال: بعير ندَّ (٥) من إبل الصدقة أطلبه فقلت: أذللت الخلفاء بعدك، فقال يا أبا الحسن لا تلمني فوالذي بعث محمداً بالنبوة لو أن عناقاً (٦) أخذت بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة (٧)، وعن أبي سلامة قال: انتهيت إلى عمر وهو يضرب رجالاً ونساء في الحرم على حوض يتوضئون منه، حتى فرق بينهم، ثم قال: يا فلان، قلت: لبيك، قال لا لبيك ولا سعديك، ألم آمرك أن تتخذ حياضاً للرجال وحياضاً للنساء، قال: ثم اندفع فلقيه علي رضي الله عنه فقال: أخاف أن أكون هلكت قال: وما أهلكك؟ قال ضربت رجالاً ونساءً في حرم الله -عز وجل- قال: يا أمير المؤمنين أنت راع من الرعاة، فإن كنت على نصح وإصلاح فلن يعاقبك الله، وإن كنت ضربتهم على غش فأنت الظالم (٨)


(١) تاريخ الطبري (٤/ ٢٤٤) وإسناده ضعيف.
(٢) مختصر منهاج القاصدين ص٣٧٢، فرائد الكلام ص١٤٣.
(٣) طف: الشاطئ.
(٤) مناقب عمر ص١٦٠، ١٦١.
(٥) ندَّ: شرد وهرب.
(٦) العناق: الأنثى من المعز ما لم يتم له سنة.
(٧) مناقب عمر ص١٦١.
(٨) مصنف عبد الرزاق (١/ ٧٥، ٧٦) وإسناده حسن، محض الصواب (٢/ ٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>