للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥) الدعاء سبب لدفع غضب الله: فمن لم يسألِ الله يغضبْ عليه.

(حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال من لم يسال الله يغضب عليه.

[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وهذا يدلّ على أن رضاه في سؤاله وطاعته، وإذا رضي الرّبّ تبارك وتعالى، فكلّ خير في رضاه، كما أنّ كلّ بلاء ومصيبة في غضبه ".

ففي هذا الحديث دليل على أن الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات، وأعظم المفروضات؛ لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبه. (١)

[*] قال يحي ابن معاذ:

يا من يغضب على من لا يسأله لا تمنع من سألك.

ولقد أحسن من قال:

لا تسألنَّ بُنَيَّ آدمَ حاجةً ... وسل الذي أبوابُهُ لا تحجبُ

اللهُ يغضبُ إن تركت سؤالَه ... وبنيُّ آدمَ حين يُسألُ يغضبُ

وبنيُّ آدمَ حين يُسألُ يغضبُ

(٦) الدعاء دليل على التوكل على الله: فَسِرُّ التوكل على الله وحقيقتُهُ هو اعتماد القلب على الله وحده.

وأعظم ما يتجلى التوكل حال الدعاء؛ ذلك أن الداعي حال دعائه مستعين بالله، مفوض أمره إليه وحده دون سواه.

ثم إن التوكل لا يتحقق إلا بالقيام بالأسباب المأمور بها، فمن عطَّلها لم يصح توكله، والدعاء من أعظم هذه الأسباب إن لم يكن أعظمها.

(٧) الدعاء وسيلة لكبر النفس وعلو الهمة: فبالدعاء تكبر النفس وتشرف، وتعلو الهمة وتتسامى؛ ذلك أن الداعي يأوي إلى ركن شديد، ينزل به حاجاته، ويستعين به في كافة أموره، وبهذا يقطع الطمع مما في أيدي الخلق، فيتخلص من أسرهم، ويتحرر من رقهم، ويسلم من مِنَّتِهم؛ فالمنة تصدع قناة العزة، وتنال نيلها من الهمة.

وبالدعاء يسلم من ذلك كله، فيظل مهيب الجناب، موفور الكرامة، وهذا رأس الفلاح، وأسُّ النجاح.

[*] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته لقضاء حاجته ودفع ضرورته_ قويت عبوديته له، وحريته مما سواه؛ فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له_ فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه. (٢)

(٨) الدعاء سلامة من العجز، ودليل على الكياسة:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن أبخل الناس من بخل بالسلام و أعجز الناس من عجز عن الدعاء.

(أعجز الناس من عجز عن الدعاء): أعظم ما يشق على المسلم أن يغلق عليه في الدعاء،

[*] قال عمر بن الخطاب:

<<  <  ج: ص:  >  >>