للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٨) حضور القلب: فينبغي للداعي أن يكون حاضر القلب، متفهمًا لما يقول، مستشعرًا عظمة من يدعوه؛ إذ لا يليق بالعبد الذليل أن يخاطب ربه ومولاه بكلام لا يعيه هذا الداعي، وبِجُمَلٍ قد اعتاد تكرارها دون فهم لفحواها، أو أن تجري على لسانه _ هكذا _ على سبيل العادة.

بعض الناس قد يدعو وهو غافل القلب، ساهٍ لاهٍ، لا يدري ما يدعو به، فقد يدعو على نفسه وهو لا يشعر، فهذا الدعاء صاحبه غير مخلص، غير صادق فيما يدعو، ومعلوم أن الله تعالى قد لا يستجيب دعاء من كان هذا حاله، لكن ربما صدر الدعاء من قلب غير صادق ولكن أبواب السماء مشرعة فيقبل دعاؤه والله قادر على كل شيء،

(حديث ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قَالَ: " مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ "

والآية دالة على الخشوع والخضوع لله حال الدعاء، لأن ذلك موقف ذل وانكسار وعبودية لله عز وجل، فينبغي على الداع عند دعائه أن يُظهر الفاقة والحاجة لله تعالى، فيستحضر قلبه وجوارحه، ويئوب إلى ربه وينطرح بين يديه حتى يستجيب دعاءه.

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ادعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة و اعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافلٍ لاه.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: واعلم أن مقصور الدعاء هو حضور القلب كما سبق بيانه، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر، والعلم به أوضح من أن يذكر. (١)

(٩) الدعاء بما شُرِعَ: فينبغي للداعي أن يدعو ربه بالأدعية المشروعة الواردة في الكتاب والسنة، أو على الأقل ألا يصادم الأدعية المشروعة بالأدعية البدعية، كأن يتوسل بجاه النبي"أو بالأدعية والتوسلات الشركية، كأن يدعو غير الله _ عز وجل _ من الأموات والغائبين وغيرهم.

(١٠) إطابة المأكل: وهو من شروط إجابة الدعاء، فأطب مطعمك ومشربك، وتعفف عن الشبهات.

قال تعالى: (إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتّقِينَ) [المائدة / ٢٧]


(١) الأذكار ص٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>