للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور و الدعاء.

(١٢) ألا يشغل الدعاء عن أمر واجب، أو فريضة حاضرة: كأن يشتغل بالدعاء عن صلاة حاضرة كصلاة الفجر، أو الظهر، أو العصر، أو نحوها.

أو أن يترك القيام بحق الضيف إذا زاره، ويشتغل بالدعاء.

أو أن يدع خدمة الوالدين إذا احتاج إليه؛ بحجة اشتغاله بالدعاء.

فلا ينبغي الاشتغال بالدعاء عن أمر واجب، أو فريضة حاضرة.

(ولعل في قصة جريج العابد ما يشير إلى ذلك؛

ففي الصحيحين عن حميد بن هلال عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه قال:=كان جريج يتعبد في صومعته، فجاءت أمُّه.

قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله _ صلى الله عليه _ أُمَّه حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها، ثم رفعت رأسها إليه تدعوه، فقالت: يا جريج، إني أُمُّك، كلِّمْني، فصادفته يصلي فقال: اللهم أمي وصلاتي، فاختار صلاته، فقالت: اللهم إني هذا جريجٌ وهو ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمني؛ اللهم فلا تُمِتْه حتى تريه وجوه المومسات.

قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن، قال: وكان راعي ضأنٍ يأوي إلى دَيْرِه، قال: فخرجت امرأة من القرية، فوقع عليها الراعي، فحملت، فولدت غلامًا، فقيل: ما هذا؟ قالت: من صاحب هذا الدير.

قال: فجاؤوا بفؤوسهم، ومساحيهم، فنادوه، فصادفوه يصلي، فلم يكلمهم.

قال: فأخذوا يهدمون ديره، فلما رأى ذلك نزل إليهم.

فقالوا له: سل هذا، قال فتبسم، ثم مسح راس الصبي، فقال: من أبوك؟

قال: أبي راعي الضأن، فلما سمعوا ذلك منه، قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة.

قال: لا، ولكن أعيدوه ترابًا كما كان، ثم علاه. (١)

وفي رواية لمسلم: فتذاكر بنو إسرائيل جريجًا وعبادته، وكانت امرأة بغيٌّ يُتَمَثَّلُ بحسنها، فقالت: إن شئتم لأَفْتِنَنَّه لكم.

قال: فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعيًا كان يأوي إلى صومعته، فأَمْكَنَتْه من نفسها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج، فأتوه، فاستنزلوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟

قالوا زنيت بهذه البغي، فحملت منك.

فقال: أين الصبي؟


(١) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله [واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها] مريم:١٦، (٣٤٣٦)، ومسلم كتاب البر والصلة باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها [٢٥٥٠، واللفظ لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>