للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقال ابن كثير في وصف حال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة بدر: بات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جذع شجرة ويكثر في سجوده أن يقول: يا حي يا قيوم يكرر ذلك ويلظ عليه الصلاة والسلام بقيام الليل بالبكاء حتى الصباح وهو يقول ” اللهم لا تودع منى، اللهم لا تخذلني، اللهم لا تتركني، اللهم أنشدك ما وعدتني ” يكررها حتى يسقط رداؤه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من وراءه فقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك .. فأنزل الله (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)

[الأنفال: ٩]

[*] وفي كتاب الزهد للإمام أحمد (٣٠٥) عن قتادة:

قال مورق: ما وجدت للمؤمن مثلاً إلا رجلاً في البحر على خشبة فهو يدعو: يارب ... يارب .. لعل الله أن ينجيه.

[*] قال الأوزاعي: أفضل الدعاء الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه.

[*] قال أبوالدرداء: من يُكثر قرع الباب، باب الملك يوشك أن يُستجاب له ”.

[*] قال الترمذى: والإلحاح فى الدعاء مما يفتح الإجابة، ويدل على إقبال القلب، ويحصل بتكراره مرتين أو ثلاثاً وأكثر، لكن الاقتصار على الثلاث مرات أعدل إتباعاً للحديث ” شرح سنن النسائي.

(وإنما صار المُلِّحُ محبوباً لأنه لا ينقطع رجاؤه، فهو يسأل فلا يرى إجابة، فلا يزال يُلحُّ ولا ينقطع رجاؤه، ولا يدخله اليأس، فذلك لعلمه بالله تعالى، وصحة قلبه وصدق عبوديته، واستقامة وجهته، فمن صدق الله في دعوته استعمل اللسان، وانتظر القلب مشيئته، فلا يضيق ولا ييأس، لأن قلبه صار معلقا بمشيئته فانتظار المشيئة أفضل ما يَقْدُمُ به على ربه، وهو صفوة العبودية، واستعمال اللسان عبادة لأن في السؤال اعترافاً بأنها له، وانتظار مشيئته لقضائه عبادة فهو بين عبادتين وجهتين وأفضل الدعاء من داوم عليه.

وأهل اليقين يدعون ويلحون، فإن أجاب قبلوا، وإن تأخر صبروا، وإن منع رضوا وأحسنوا الظن، وهم في الأحوال سكنون مطمئنون ينتظرون مشيئته ”.

«اللهم اجعلنا من أهل اليقين الذين يدعون ويلحون القابلين بقضاءك الصابرين على بلاءك المحسنين الظن بك الراضين الساكنين المطمئنين المنتظرين دائماً مشيئتك راضين بها.»

<<  <  ج: ص:  >  >>