للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما أدرك ما وقع فيه لم يكتف بأن يسأل الله المغفرة فحسب، ولكنه _ لكبر نفسه، وعلو همته، وعلمه بسعة فضل ربه _ سأله مع ذلك أن يهب له ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده!

فماذا كانت النتيجة؟

لقد استجاب الله دعاءه، وسخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، ثم قال تعالى: (هََذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىَ وَحُسْنَ مَآبٍ) [ص ٣٩، ٤٠]

وعلو الهمة موضوع غاية في الأهمية يجب على كلِ مسلم أن يحيط به علماً وهاك غيضٌ من فيض مما ورد في علو الهمة ومسائلة:

(تعريف علو الهمة:

الهمة في اللغة: ما هم به من الأمر ليفعل.

الهمة في الاصطلاح: الباعث على الفعل، وعرف بعضهم علو الهمة بأنه: استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور.

قال الشاعر مصوراً طموح المؤمن

إذا كنت في أمر مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم

[*] وعرف ابن القيم علو الهمة بقوله:

"علو الهمة ألا تقف -أي النفس- دون الله وألا تتعوض عنه بشيء سواه ولا ترضى بغيره بدلاً منه ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطهم ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات"

(الحث على علو الهمة والتحذير من سقوطها:

[*] قال الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه:

"لا تصغرنّ همتك فإني لم أر أقعد بالرجل من سقوط همته"

[*] وقال ابن القيم: "لا بد للسالك من همة تسيره وترقيه وعلم يبصره ويهديه" [*] وقال ابن نباتة رحمه الله:

حاول جسيمات الأمور ولا تقل ... إن المحامد والعلى أرزاق

وارغب بنفسك أن تكون مقصرا ... عن غاية في الطلاب سباق

(أقسام الهمة:

تُقَسَّم الهمة تقسيمين فتقسم من حيث الرفعة وضدها إلى عالية وساقطة.

وتقسم من حيث الاستعداد الفطري إلى وهبية ومكتسبة.

وليس معنى أن منها ما هو فطري أنها لا سبيل لزيادة رفعتها بل هي مثل باقي الصفات العقلية والخلقية كالذكاء والذاكرة وحسن الخلق.

[*] قال ابن القيم:

<<  <  ج: ص:  >  >>