للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] قال ابن كثير رحمه الله:

القول في تأويل قوله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}. يقول تعالى ذكره: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} بالحلم والسكينة والوقار غير مستكبرين , ولا متجبرين , ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي الله.

[*] قال القرطبي رحمه الله:

قال ابن عباس: بالطاعة والمعروف والتواضع.

وقال الحسن: حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا. وقيل: لا يتكبرون على الناس. قلت: وهذه كلها معان متقاربة , ويجمعها العلم بالله والخوف منه , والمعرفة بأحكامه والخشية من عذابه وعقابه ; جعلنا الله منهم بفضله ومنه.

(حديث عِياضِ بن حمار في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد.

(تعريف التواضع:

التواضع هو: عقد القلب على صَغار النفس المؤثر في عواطفه وميوله وجوارحه في مقابل اللَّه سبحانه وتعالى، وفي مقابل رسله وأوليائه المعصومين، وفي مقابل المؤمنين.

(فضل التواضع:

التواضع خلق حميد، وجوهر لطيف يستهوي القلوب، ويستثير الإعجاب والتقدير وهو من أخصّ خصال المؤمنين المتّقين، ومن كريم سجايا العاملين الصادقين، ومن شِيَم الصالحين المخبتين. التواضع هدوء وسكينة ووقار واتزان، التواضع ابتسامة ثغر وبشاشة وجه ولطافة خلق وحسن معاملة، بتمامه وصفائه يتميّز الخبيث من الطيب، والأبيض من الأسود والصادق من الكاذب، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما نقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.

إن المتواضع يبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه، كريم الطبع، جميل العشرة، طلق الوجه، باسم الثغر رقيق القلب، متواضعا من غير ذلة، جواداً من غير سرف.

نعم .. فاقد التواضع عديم الإحساس، بعيد المشاعر، إلى الشقاوة أقرب وعن السعادة أبعد، لا يستحضر أن موطئ قدمه قد وطأه قبله آلاف الأقدام، وأن من بعده في الانتظار، فاقد التواضع لا عقل له، لأنه بعجبه وأنفته يرفع الخسيس، ويخفض النفيس، كالبحر الخضم تسهل فيه الجواهر والدرر، ويطفو فوقه الخشاش والحشاش. فاقد التواضع قائده الكبر وأستاذه العجب، فهو قبيح النفس ثقيل الطباع يرى لنفسه الفضل على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>