فكيف يريد مثل هذا الأب، أو تلك الأم السعادة والهناء والتوفيق والصلاح للأبناء وهم يدعون عليهم، وقد سبقت الإشارة إلى التحذير من الدعاء على الولد لأن الدعاء والحالة تلك مستجاب، ألا فليتق الله أولئك الآباء والأمهات الذين لا تفتر ألسنتهم من الدعاء على أبنائهم، وليعلموا أنهم سبب من أسباب ضياع أبنائهم، وسبب لفسادهم، وسبب لانتكاستهم، بل ربما كانوا سبباً في سوء خاتمتهم والعياذ بالله.
جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك رحمه الله، يشكو إليه سوء خلق ولده، فقال له: أدعوت عليه، قال الأب: نعم، قال: أنت أفسدته.
وقصة الرجل الذي جاء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يشكو أن ولده صفعه على وجهه، فقال: هل علمته القرآن؟ قال: لا، قال: هل علمته السنة؟ قال: لا، قال: هل علمته ألاق العلماء والصالحين، قال: لا، قال: حسبك ثور فضربك.
فالتربية السليمة الصحيحة وفق منهج الله تعالى، ووفق سنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي المخرج، وهي الملجأ بإذن الله تعالى من هذه الكوارث والفتن التي تحدث في البيوت جراء انحراف الأبناء والبنات، فيجب على كل أب وأم، أن يكون لهم جلسة مع الأبناء جميعاً صغيرهم وكبيرهم، يتم فيها تداول الأحاديث حول التربية الإسلامية، وقراءة سير العلماء والصالحين والمربين، والاستفادة من الكتب الخاصة بهذا الشأن.
(٣٠) دعوة المسافر:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.
[*] قال ابن رجب:
"والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء ... ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء؛ لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق، والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء"(١).
(١٦) دعاء الوالد لولده:
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ثلاث دعوات لا تُرَدُّ: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر.