فلابد أن يكون الداعي على يقين وثقة بالله جل وعلا لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة يا له من دواء، وكم استمعت إلى شكاوى كثير من المسلمين، يشتكون من طول الدعاء وما ذاك إلا لأن قلوبهم لاهية؛ لأن قلوبهم قد انشغلت وهامت في كل وادٍ، ما تحرك قلبه وما خشع قلبه، وما اقشعر جلده، وما دمعت عينه، وما أحس باللذة في مناجاته لله جل وعلا، فلو استمع إلى خمس دعوات أو عشر دعوات لأحس بالملل والضجر والطول، لماذا؟ لأنه والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من مناجاة ربنا جل وعلا، كيف وأنت تناجي القوي العزيز الكريم:(والله لا يقبل دعاء من قلب غافلٍ لاه).
[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الجواب الكافي:
والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح والسلاح بضاربه لا بحده فقط فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به والساعد ساعد قوي والمانع مفقود حصلت به النكاية في العدو ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير فإن كان الدعاء في نفسه أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء أو كان ثم مانع من الإجابة لم يحصل الأثر.
وقال أيضاَ رحمه الله تعالى:
وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي الثلث الأخير من الليل وعند الأذان وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبات وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم وصادف خشوعا في القلب وانكسارا بين يدي الرب وذلاله وتضرعا ورقة واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده وقدم بين يدي دعائه صدقة فان هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم فمنها ما يلي: