الإحسان هو مراقبة الله في السر والعلن، وفي القول والعمل، وهو فعل الخيرات على أكمل وجه، وابتغاء مرضات الله.
وتأمل بعين البصيرة هذه القصة الرائعة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(مرَّ عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- على غلام يرعى أغنامًا لسيده، فأراد ابن عمر أن يختبر الغلام، فقال له: بع لي شاة. فقال الصبي: إنها ليست لي، ولكنها ملك لسيدي، وأنا عبد مملوك له. فقال ابن عمر: إننا بموضع لا يرانا فيه سيدك، فبعني واحدة منها، وقل لسيدك: أكلها الذئب. فاستشعر الصبي مراقبة الله، وصاح: إذا كان سيدي لا يرانا، فأين الله؟! فسُرَّ منه عبد الله بن عمر، ثم ذهب إلى سيده، فاشتراه منه وأعتقه.
(فضائل الإحسان:
الإحسان عمل المقرَّبين، وغاية العابدين، ودرجة الفائزين. على المسلم أن يسعى إلى درجاته وأن يسابق إلى خيراته بقدر استطاعته، ليكون سائراً في طريق المُفلحين، متَّبِعاً سَنَنَ الصالحين، ليحشر في زمرتهم تحت راية سيد المرسلين صلى الله وسلم عليهم أجمعين، غيضٌ من فيض وقليلٌ من كثير مما ورد في فضائل الإحسان:
(١) الإحسان أفضل منازل السائرين، وأعلى درجات العبادة، وأحسن أحوال عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [النساء:١٢٥]، وقد وعد الله تعالى على الإحسان أعظم الثواب في الدارين، وأحاط المحسنين بعنايته، وحفظهم بقدرته، وأجزل لهم الخيرات برحمته تعالى.
(٢) ومن فضائل الإحسان أن الله تعالى مع من أحسن العمل معيةً خاصة بنصره وتأييده وحفظه ومعونته وتوفيقه وإصلاح شأنه كله، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [النحل:١٢٨]، وقال تعالى: وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:٦٩].
(٣) ومن فضائل الإحسان محبة الله تعالى لعبده الذي أحسن القول والفعل محبةً تليق بجلاله، وإذا أحب الله عبداً آتاه من كل خير وصرف عنه كل شر، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:١٩٥].