((وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (١/ ٩٧): ((وهو حديث عظيم يشتمل على شرح الدِّين كلِّه، ولهذا قال النَّبيُّ * في آخره: (هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينكم)، بعد أن شرح درجة الإسلام ودرجة الإيمان ودرجة الإحسان، فجعل ذلك كلَّه ديناً)).
(ما هو الإسلام:
يتضح معنى الإسلام في قوله: ((وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله *: الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدِّقه))،
((فيه فوائد:
(الفائدة الأولى: أجاب النَّبيُّ * جبريل عندما سأله عن الإسلام بالأمور الظاهرة، وعندما سأله عن الإيمان، أجابه بالأمور الباطنة، ولفظَا الإسلام والإيمان من الألفاظ التي إذا جُمع بينها في الذِّكر فُرِّق بينها في المعنى، وقد اجتمعا هنا، ففُسِّر الإسلام بالأمور الظاهرة، وهي مناسبة لمعنى الإسلام، وهو الاستسلام والانقيادُ لله تعالى، وفسِّر الإيمان بالأمور الباطنة، وهي المناسبة لمعناه، وهو التصديق والإقرار، وإذا أُفرد أحدُهما عن الآخر شمل المعنيين جميعاً: الأمور الظاهرة والباطنة، ونظير ذلك كلمتَا الفقير والمسكين، والبر والتقوى وغير ذلك.
(الفائدة الثانية: أوَّل الأمور التي فُسِّر بها الإسلام شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وشهادة أنَّ محمداً رسول الله *، وهاتان الشهادتان متلازمتان، وهما لازمتان لكلِّ إنسيٍّ وجنيٍّ من حين بعثته * إلى قيام الساعة، فمَن لم يؤمن به * كان من أصحاب النار؛ وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
((حديث أبي هريرة الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمَّة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلاَّ كان من أصحاب النار.
مسألة: ما معنى شهادة أن لا إله إلاَّ الله؟
شهادة أن لا إله إلاَّ الله معناها لا معبود حقٌّ إلاَّ الله.