وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن سفيان قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً بنى بالآجر فقال: ما كنت أحسب أنَّ في هذه الأمة مثل فرعون قال: يريد قوله: "فأوقد لي يا هامانُ على الطين فاجعل لي صَرْحاً".
زهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الأكل:
أخرج عبد الرزاق، وابن عساكر عن عكرمة بن خالد أنَّ حفصة، وابن مطيع، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم كلَّموا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: لو أكلت طعاماً طيِّباً كان أقوى لك على الحق، فقال: قد علمت أنه ليس منكم إلا ناصح، ولكني تركت صاحبيَّ ـ يعني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر رضي الله عنه ـ على جادّة فإنْ تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل. كذا في منتخب الكنز.
وأخرج ابن سعد عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيف رضي الله عنهما قال: مكث عمر رضي الله عنه زماناً طويلاً لا يأكل من المال شيئاً حتى دخلت عليه في ذلك خَصاصة، وأرسل إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستشارهم، فقال: قد شغلت نفسي في هذا الأمر فما يصلح لي منه. فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: كل وأطعم. وقال ذلك سعيد بن (زيد بن) عمرو بن نفيل رضي الله عنه، وقال: لعلي رضي الله عنه: ما تقول أنت في ذلك؟ قال: غداء وعشاء. فأخذ بذلك عمر. كذا في منتخب الكنز.
وأخرج عبد بن حُمَيد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذُكر لنا أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: لو شئت كنت أطيبكم طعاماً، وألينكم لباساً، لكن أستبقي طيباتي. وذُكر لنا أنَّ عمر بن الخطاب لمَّا قدم الشام صُنع له طعام لم يَرَ قبله مثله، قال: هذا لنا، فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ فقال عمر بن الوليد: لهم الجنة، فاغرورقت عَينا عمر وقال: لئن كان حظُّنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة لقد بانوا بَوْناً عظيماً. كذا في المنتخب.
وأخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يومئذٍ أمير المؤمنين يُطرح له صاع من تمر فيأكلها حتى يأكل حشفها. وعن السائب بن يزيد قال: ربما تعشَّيت عند عمر بن الخطاب فيأكل الخبز واللحم، ثم يمسح يده على قدمه، ثم يقول: هذا منديل عمر وآل عمر. وعند الدينوَرَي عن ثابت قال: أكل الجارود عند عمر بن الخطاب فلما فرغ قال: يا جارية هلمِّي الدستار ـ يعني المنديل يمسح يده ـ فقال عمر: إمسح يدك بإستِك.