للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: كان رجل من الانصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح: {قل هو الله أحد}. حتى يفرغ منه، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فأما أن تقرأ بها وأما أن تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذة السورة في كل ركعة؟. فقال: إني أحبها، فقال: حبك إياها ادخلك الجنة.

- رابعاً: فضلُ علم الفقه:

[*] (للفقه منزلةٌ عظيمةٌ بين العلوم وذلك للأسباب الآتية:

١) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أن من أراد الله به خيرا يفقهه في الدين:

(حديث معاوية في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين و إنما أنا قاسم و الله يعطي و لن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز و جل.

٢) أن الإنسان لا يتسنى له التأسي بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العبادات والمعاملات إلا عن طريق الفقه، وبهذا يتضح أن الإنسان لا يستطيع أن يصحح عمله الذي يلقى به ربه إلا عن طريق الفقه.

٣) أن الإنسان لا يستطيع أن يميز بين الحلال والحرام ولا التمييز بين الجائز والفاسد في وجوه الأحكام إلا عن طريق الفقه، فلربما وقع في الحرام وهولا يشعر وربما كان كسبه حرام وهو لا يشعر، ونضرب لذلك مثالاً يقع فيه كثير من الناس لعدم فقهم في المسألة وهي بيع الذهب بالذهب، فإن من المعلوم شرعاً أن شرطي بيع الذهب بالذهب أن يكون يداً بيد مثلاً بمثل كما سبق في كتاب البيوع، أي بيع خمسة جرامات بخمسة جرامات وأن يكون القبض في المجلس (يداً بيد)، فلو باع ذهب قديم بجديد ودفع الفرق لوقع في الربا وهو لا يشعر، ولو أجَّل القبض وقع في الربا لا محالة، فتأمل رحمك الله تعالى كيف يقع في الربا وهو لا يدري.

- خامساً: فضلُ علم الهدي والآداب:

<<  <  ج: ص:  >  >>