للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان عثمان ابن عفان - رضي الله عنه - في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه؛ فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه. لم يسجد في الجاهلية لصنم قط ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام وكان يقول: إنها تُذْهب العقل والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه. وفي الجاهلية كذلك لم تجذبه أغاني الشباب ولا حلقات اللهو، ثم إن عثمان كان يتعفف عن أن يرى عورة (١). ويرحم الله عثمان - رضي الله عنه - فقد يسر لنا سبيل التعرف عليه؛ حيث قال: ما تغنيت، ولا تمنيت، و لا مسست ذكري بيمني منذ بايعت بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا شربت خمرًا في جاهلية ولا إسلام، ولا زنيت في جاهلية ولا في إسلام. (٢) وكان - رضي الله عنه - على علم بمعارف العرب في الجاهلية ومنها الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وساح في الأرض فرحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقواما غير العرب فعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره. (٣) واهتم بتجارته التي ورثها عن والده، ونمت ثرواته, وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش كلها، فقد كان المجتمع المكي الجاهلي الذي عاش فيه عثمان يقدر الرجال حسب أموالهم، ويهاب فيه الرجال حسب أولادهم وإخوتهم ثم عشيرتهم وقومهم، فنال عثمان مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة.

ومن أطرف ما يروى عن حب الناس لعثمان لما تَجَمَّع فيه من صفات الخير أن المرأة العربية في عصره كانت تغني لطفلها أغنية تحمل تقدير الناس له وثناءهم عليه، فقد كانت تقول:

أحبك والرحمن ... حبَّ قريش لعثمان (٤)

- إسلام عثمان ابن عفان - رضي الله عنه -:


(١) موسوعة التاريخ الإسلامي، أحمد شلبي، (١/ ٦١٨).
(٢) حلية الأولياء (١/ ٦٠، ٦١) الخبر صحيح.
(٣) عبقرية عثمان للعقاد، ص٧٢.
(٤) موسوعة التاريخ الإسلامي، (١/ ٦١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>