للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه كيف ينفقون الأموال وما أعطاهم الله تبارك وتعالى في سبيل الله ومواقع رضاء الله، وكيف كان ذلك أحبَّ إليهم من الإِنفاق على أنفسهم، وكيف كانوا يُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وقد ضرب عثمان بن عفان ذو النورين عمر أروع المثل في ذلك في مشاهد كثيرة منها حفر بئر رومة وتجهيز جيش العسرة و توسعة المسجد النبوي.

(حديث أبي عبد الرحمن رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم وقال: (أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألستم تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من حفر بئر رومة فله الجنة فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزته؟ قال فصدقوه بما قال.

(حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال جاء عثمان إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألف دينار حين جهز جيش العسرة فينثرها في حجره قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقلبها في حجره ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(يُقَلِّبُهَا) أَيِ: الدَّنَانِيرَ "

{مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ} (١) " أَيْ: فَلَا عَلَى عُثْمَانَ بَأْسُ الَّذِي عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّهَا مَغْفُورَةٌ مُكَفَّرَةٌ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: {لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ} (٢)

[*] يقول ابن شهاب الزهري:

قَدّم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيراً، وستين فرساً أتم بها الألف، وجاء عثمان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبها بين يديه، فجعل الرسول يقلبها بيده ويقول: ما ضر عثمان ما عمل بعد هذه.

توسعة المسجد النبوي:


(١) - الترمذي المناقب (٣٧٠١) ,أحمد (٥/ ٦٣).
(٢) - البخاري الجهاد والسير (٢٨٤٥) ,مسلم فضائل الصحابة (٢٤٩٤) ,الترمذي تفسير القرآن (٣٣٠٥) ,أبو داود الجهاد (٢٦٥٠) ,أحمد (١/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>