وعند خيثمة واللألكائي وأبي الحسن البغدادي والشيرازي وابن مَنْده وابن عساكر عن سُويد بن غَفْلة قال: مررتُ بقوم يذكرون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وينتقصونهما. فأتيت علياً رضي الله عنه فذكرت له ذلك فقال: لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووزيراه ثم صعد المنبر فخطب خطبة بليغة فقال:
ما بال أقوام يذكرون سيدَي قريش وأبوَي المسلمين بما أنا عنه متنزه، وممَّا يقولون بريء، وعلى ما يقولون معاقب؟ والذي فَلَق الحبة وبرأ النَّسَمة إنه لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يُبغضهما إلا فاجر رديء، صحبا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصدق والوفاء يأمران وينهيان ويعاقبان، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يرى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كرأيهما رأياً، ولا يحب حبهما حباً، مضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنهما راضٍ والناس راضون، ثم وُلي أبو بكر الصلاة، فلما قبض الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاَّه المسلمون ذلك وفوَّضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان، ـ وكنت أولَ من يُسمَّى له من بني عبد المطلب ـ وهو لذلك كاره، يود أن يعضنا كفاه، فكان ـ والله ـ خير من بقي، أرأفه رأفة، وأرحمه رحمة، وأكيسه ورعاً، وأقدمه إسلاماً، شبهه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفواً ووقاراً، فسار بسيرة رسول الله حتى قبض رحمة الله عليه.