(ثم أنتقل إلى كتاب الآداب فأقدم زُبْدَةَ مسائله تعريفاً وَحُكْمَاً في إيجازٍ غيرِ مُخِّل، فأقوم بتعريف الأدب، ثم بيان منزلته وفضله، وبيان حاجتنا إلى الأدب، وما هي مراتبه وأنواعه وكيف نكتسب الأدب الشرعي، وإنما أعني بالآداب أدب الدين والدنيا لأن َأَعْظَمُ الأمور خَطَرًا وَقَدْرًا وَأَعُمُّهَا نَفْعًا وَرِفْدًا مَا اسْتَقَامَ بِهِ الدِّينُ وَالدُّنْيَا وَانْتَظَمَ بِهِ صَلاَحُ الآخرة والأولى؛ لِأَنَّ بِاسْتِقَامَةِ الدِّينِ تَصِحُّ الْعِبَادَةُ، وَبِصَلاَحِ الدُّنْيَا تَتِمُّ السَّعَادَةُ، ثم أقوم بشرح كل أدب على حدة في إيجازٍ غير مُخِل، وما أحَسَنَ تقسيم الإمام الماوردي رحمه الله تعالى في ذلك في كتاب أدب الدين والدنيا، فإنه كتاب عظيم النفع جداً في الآداب فقد جذبني إليه إنجذاب الحديد للمغناطيس مما جعلني أصنف كتاب الآداب على تصنيفه على أبواب خمسة هي: الْبَابُ الأوَّلُ فَضْلُ الْعَقْلِ وَذَمُّ الْهَوَى، الْبَابُ الثَّانِي أَدَبُ الْعِلْمِ، الْبَابُ الثَّالِثُ أَدَبُ الدِّينِ، الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا، الْبَابُ الْخَامِسُ أَدَبُ النَّفْسِ، غير أني لم أقتصر على ما فيه من علم رغم سعة علمه وغزارة فهمه ودقة استنباطه بل أضفت إليه زُبدة كتب الآداب مثل الآداب الشرعية لابن مفلح، لباب الآداب لأسامة بن منقذ رحمه الله توفي سنة (٥٨٤)، الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله، وأخلاق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآدابه للحافظ بن حيان الأصبهاني (توفي ٣٦٩هـ) محقق في أربعة مجلدات، وكتاب الآداب لفؤاد بن عبد العزيز الشلهوب، وزاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (توفي ٧٥١هـ)، وغيرها فاجتمع عندي لُباب النقول من الكتب الفحول، أسأل الله تعالى أن يُلْبسها حُلل القبول وأن يرزقني وإياكم الثواب المأمول إنه ولي ذلك والقادر عليه.