والمتصدق المخفي لصدقته عن شماله لولا قهره لهواه (هوى الرياء) وهوى أن يشاهده الناس، وأن يتحدثوا عن كرمه لم يقدر على ذلك، لو ما خالف هذا الهوى لما صار في هذا المكان يوم القيامة. والذي دعته المرأة الشريفة الجميلة، فخاف الله عز وجل وخالف هواه، نال نفس الكرامة. والذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه من خشيته، إنما أوصله إلى ذلك مخالفة هواه، فلم يكن لحر الموقف وعرقه وشدته سبيلاً عليهم يوم القيامة.
(٧) تأمل اللذة التي تنتج عن مخالفة الهوى:
ومن الأشياء التي تعين في علاج الهوى: تأمل اللذة التي تنتج عن مخالفة الهوى، فإن في قهر الهوى لذة تزيد على كل لذة، وغالب الهوى يكون قوي القلب عزيزاً؛ لأنه قهر هواه، بينما الذي يتبع الهوى يكون ذليلاً؛ لأنه اتبع هواه، فالحذر الحذر من رؤية المشتهى بعين الحسن. أحياناً يُزَين الشيطانُ المعصيةَ للإنسان، فيراها جميلة جداً، فينظر إلى المعاصي بعين الحسن، المفروض أن ينظر إلى المعاصي بعين الاستقباح وعين الكراهية لهذا الأمر، كما أن اللص يرى لذة أخذ المال من الحرز الذي يأخذه بكل يسر وسهوله، لكنه لا يرى بعين الفكر قطع اليد، فلذلك يسرق. وما مثل الهوى إلا كسبع في عنقه سلسلة، فإن استوثق منه ضابطه كفه، الهوى مثل السبع، ومثل الأسد، إذا ربطته بسلسلة قوية، ما ينفلت منك. يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: على أن من الناس من يكف هواه بسلسلة، ومنهم من يكفه بخيط.
(٨) أنه إذا جاءك الهوى فخالفه:
ومن الأمور المهمة في معالجة الهوى: أنه إذا جاءك الهوى في مسألة فخالفه، النفس الأمارة بالسوء، أو الشيطان يأمرك أن تفعل هذا الأمر، فعليك بمخالفته فوراً،
(قال أحد السلف:«اعلم أن البلاء كله في الهوى، والشفاء كله في مخالفتك إياه»