١٤) التحلي بالتأمل، فإن من تأمل أدرك، وقيل:"تأمل تدرك".
وعليه، فتأمل عند التكلم: بماذا تتكلم؟ وما هي عائد ته؟ وتحرز في العبارة والأداء دون تعنت أو تحذلق، وتأمل عند المذاكرة كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد، وتأمل عند سؤال السائل كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين؟ وهكذا.
١٥) الثبات والتثبت:
تحل بالثبات والتثبت، لا سيما في الملمات والمهمات، ومنه: الصبر والثبات في التلقي، وطي الساعات في الطلب على الأشياخ، فإن "من ثبت نبت".
١٦) أن يحرص على العلم وأن يُقبل عليه إقبال الظامئ على المورد العذب. وقد كان السلف يؤثرون العلم على كل شيء حتى الزواج ولذا فإن الإمام أحمد رحمه الله تعالى لم يتزوج إلا بعد الأربعين، وأُهديت إلى أبي بكرٍ الأنباري جاريةٌ فلما دخلت عليه تفكَّر في استخراج مسألةٍ فعزبت عنه فقال: أخرجوها إلى النخاس فقالت هل لي من ذنب؟ قال: لا إلا أن قلبي اشتغل بك، وما قدْرُ مِثْلِكِ أن يمنعني علمي.
١٧) ينبغي له أن يحرص على حِلَقِ العلم ولو بالتناوب مع زميلٍ له عند ضيقِ الوقت فيحضر أحده. ما ويخبر صاحبه بالعلم الذي سمعه ويحضر الآخر ويخبر صاحبه بالعلم الذي سمعه فإنه كان من فعل الصحابة رضي الله عنهم
(حديث عمر في صحيح البخاري) قال: وكان رجلاً من الأنصار إذا غاب عن رسول الله وشهدته أتيته بما يكون من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
١٨) أن يلقي زمامه إلى المعلم إلقاء المريض إلى الطبيب فيتواضع له ويبالغ في خدمته، فقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بركاب زيدٍ ابن ثابت رضي الله عنه ويقول هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء.
قال علىُّ رضي الله عنه: إن من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامةً وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه ولا تشير عنده بيدك ولا تغمز بعينك ولا تكثر عليه السؤال ولا تعينه في الجواب ولا تلح عليه إذا كسل ولا تراجفُهُ إذا امتنع، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ولا تفش له سراً، ولا تغتابنَّ عنده أحداً ولا تطلبنَّ عثرته وإن زلَّ قبلت معذرته، ولا تقولنَّ له: سمعت فلاناً يقول كذا ولا إن فلاناً يقول خلافك، ولا تصفنَّ عنده عالماً، ولا تعرضنَّ من طول صحبته، ولا ترفع نفسك عن خدمته وإذا عرضت له حاجةً سبقت القوم إليها فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط لك منها شيء.
{تنبيه}: (وكلما زاد تواضع طالب العلم زاد مقدار الحكمة عنده وتعلم العلم ومتى تكبر قلَّت حكمته وَمُنِعَ العلم.