(حديث العرباض بن سارية في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة.
(٢١) يجب عليه ألا يستغرق عمره كله في فنٍ واحدٍ من العلوم بل يأخذ من كلِ شيء أحسنه فإن العلم كثير والعمر قصير، وليجعل جُل اهتمامه بعلم التوحيد لأن التوحيد مقدَّمٌ على العمل والأصلُ الذي يترتب عليه غيره إذ لا ينفعُ مع الشرك عمل ثم يهتم بفقه الأحكام حتى يصحح عمله، ثم يأخذ من باقي العلوم ما يفيده منها فيأخذ مثلاً من اللغة ما يصحح به ألفاظه ويأخذ منها ما يجعل الموضوع في جلباب الفصاحةِ الأغر الذي يجذب النفوس النافرة ويرد الأهواء الشاردة دون توسع، ويأخذُ من الرقائق المقدار الذي يُذيب به قسوة قلبه، ويأخذ من الأصول ما يستطيع به تأصيل المسألة، وهكذا
[*] قال ابن عباس رضيَ الله تعالى عنهما:
ما أصعب العلم ما أوسعه ... من ذا الذي يقدرُ أن يجمعه
إن كنت له لا بد طالباً ... فالتمس أنفعه
(٢٢) ينبغي لطالب العلم أن يتعهد الناس بالموعظة ويراعي في ذلك شيئين أساسيين هما:
الأول: أن تكون الموعظة خلال الأيام وليست كل يوم حتى لا يمل الناس.
(حديث أبن مسعودٍ في الصحيحين) قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتخولنا بالموعظةِ خلال الأيام كراهة السآمة علينا.
السآمة: أي الملل
الثاني: أن يعظَ الناس بما يستطيع ولو آية يعلم معناها الصحيح ولا ينتظر حتى يكتمل علمه فإن هذا لا يحصلُ غالباً فسبحان من له الكمال
(حديث عبد الله ابن عمرو في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: بلغوا عني و لو آية و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج و من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
٢٣) ينبغي لطالب العلم أن يتعلم قسطاً من البلاغة لاستمالة القلوب بتحسين الأسلوب ويحسن به أن يقتبس من أسلوب الكتاب والسنة فليس هناك أبلغ من أسلوبهما وأن يستفيد كذلك من جوامع كلم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويتأسى به في ذلك فيعظ الناس بكلام مفيدٍ جامع.
(حديث أبي موسى في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أُعطيت الكلام وجوامعه وخواتمه.