للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَيْفَ يكونُ بَيْنَهُم تَواصُلٌ وقد طَحَنَهُم بِكَلْكَلِةِ البِلَى وأَظَلَّتْهُمُ الجَنَادِلُ والثرَّى، فَأَصْبَحُوا بعد الحياة أَمْوَاتاً، وبَعْدَ غَضَارَةِ العَيشِ رُفَاتاً.

فُجِعَ بِهِم الأَحْبَاب، وسَكَنُوا التُراب، وظَعَنُوا فليسَ لهم إِياب، هَيْهَاتَ هَيْهاتَ، {كَلاّ إِنّها كَلمةٌ هو قائلها ومنِ وَرَائِهمْ بَرزَخٌ إلى يومِ يُبْعَثُون} [المؤمنون: ١٠٠]

وكأن قد صِرْتُم إلى مَا صَارُوا إِليه مِن البِلى، والوَحْدَةِ في دَارِ المَثْوَى، وارْتُهِنْتم في ذلك المَضْجَع، وضَمَّكُم ذلك الْمُسْتَودَع.

(فكيف بكم لو قَدْ تَنَاهَت الأُمُور، وبُعثِرتِ القُبور، وحُصّلَ ما في الصُدور، وَوَقَفْتُم لِلَّتحْصِيل، بين يَدَي الملِكِ الجَليلِ.

فَطَارَتِ القُلُُُوبِ، لإِشْفَاقِها مِن سَالفِ الذُنُوبِ، وهُتَكَتْ عَنكُم الحُجُب و الأَسْتَار، وظَهَرتْ مِنكم العُيوبُ والأَسْرَار.

هُنَالِكَ {تُجْزى كلُّ نَفْسٍ بِما كسَبتْ} [غافر: ١٧] ألم تسمع قول الله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: ٣١]

وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَي الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). [الكهف: ٤٩]

فِي صَلاتِهِمْ وَصِيَامِهِمْ وَنِكَاحِهِمْ وَمُكْثِهِمْ فِي الأَمْلاكِ الْمَسْكُونَة قَهْرًا وَغَضْبًا؟ أَيْنَ الْمُتَفَقِّدُونَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الذِينَ لَيْسَ لَهُم مَوَارِدٌ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>