[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن شعيب بن صفوان، عن عيسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى رجل: أما بعد: فإني أوصيك بتقوى لله، والانشمار لما استطعت من مالك وما رزقك الله إلى دار قرارك، فكأنك والله ذقت الموت وعاينت ما بعده بتصريف الليل والنهار فإنهما سريعان في طي الأجل ونقص العمر، لم يفتهما شىء إلا أفنياه، ولا زمن مرا به إلا أبلياه، مستعدان لمن بقى بمثل الذي أصاب من قد مضى، فنستغفر الله لسيء أعمالنا، ونعوذ به من مقته إيانا على ما نعظ به مما نقصر عنه.
آه لساعات شديدة الكربات، فيها غمرات ليست بنوم ولا سبات، تتقطع الأفئدة باللوم على الفوات، تبكي عين الأسى لما مضى من فوات، والمريض ملقى على فراش الحرقات، ... لِلَّهِ دَرّ أقَوامٍ بادَرُوا الأَوْقاتِ، واسْتَدْركُوا الْهَفَوات، واغتنموا الأوقات للعمل بالباقيات الصالحات، فالعَينُ مَشْغُولةٌ بالدَّمْع عن المحرَّماتِ، واللسانُ مَحبوسٌ في سِجْن الصَّمْت عن الهَلَكَاتْ، والكفُّ قد كُفَّتْ بالخوفِ عن الشهوات، والقَدَم قد قُيِّدت بِقَيدِ المحاسبَات. ولسان حالها يقول: كيف تهنأ بالشهوات، وهى مطية الآفات،