للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها عدم التكرار لشغل مستديم. فإن كان شغله يمنعه من تكرار القرآن وكان شغله من الأهمية بمكان فعليه أن يكابد ويحاول إيجاد الوقت للتكرار ويدعو الله بالمغفرة. أما إن كان عدم التكرار إهمالا وتكاسلا، فهذا من التقصير الذي هو من الذنوب ويخشى أن يكون إثمه كبيرا.

[*] قال الضحاك بن مزاحم: ما من أحد تعلم القرآن فنسيه إلا بذنب يُحدِثُهُ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى /٣٤]. وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب.

أما إذا كان النسيان نتيجة مرض يمنعه من التكرار أو ينُسيه ما حفظ فذلك مما يرجى أن لا يؤاخذه الله به بل ويكتب له ثواب يوم كان يكرر القرآن ويحفظه هذا إذا كان صابرا في مرضه محتسبا ذلك لله.

(١٠) لا تقل نسيت؛ ولكن قل: أُنسيت، أو أُسقطت، أو نُسيت:

ودليل ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يقرأ في سورة بالليل فقال: يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا كنتُ أُنسيتها من سورة كذا وكذا) وفي رواية عند مسلم: ( ... لقد أذكرني آية كنت أُسقطتها من سورة كذا وكذا) (١). وفي حديث ابن مسعود قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بئس مالأحدهم يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هو نُسي) (٢).

(قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

وفيه [أي الحديث] كراهية قول نسي آية كذا وهي كراهة تنزيه وأنه لا يكره قول أُنسيتها وإنما نهي عن نسيتها لأنه يتضمن التساهل فيها والتغافل عنها، وقد قال الله تعالى: {أتتك آياتنا فنسيتها} وقال القاضي عياض: أولى ما يتأول عليه الحديث أن معناه ذم الحال لا ذم القول، أي نسيت الحالة حالة من حفظ القرآن فغفل عنه حتى نسيه (٣).

مسألة: ما حكم من حفظ القرآن أو شيئاً منه ثم نسيه؟


(١). رواه البخاري (٥٠٣٨) ومسلم (٧٨٨)
(٢). رواه البخاري (٥٠٣٩) ومسلم (٧٩٠)
(٣).شرح مسلم (المجلد الثالث- ٦/ ٦٣) ط. دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>