للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكمل الناس حالاً من كان كحال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن بكاءه له أزيز كأزيز المرجل.

لكن قد يحتج علينا بأن بعض السلف، قد صُعقوا أو ماتوا من جراء تلاوة القرآن أو سماعه. والجواب عن ذلك أن يقال: إننا لا ننكر حدوث ذلك من بعض السلف من التابعين ومن بعدهم، ولكن لم يعهد هذا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وسبب ذلك أن الوارد كان قوياً وصادفت محلاً ضعيفاً وهو قلوبهم فلم تحتمله وحصل منهم ما حصل، فهم صادقون فيما انتابهم وهم أيضاً معذورون.

(قال ابن مفلح رحمه الله تعالى في الآداب الشرعية: وكان هذا الحال يحصل كثيراً للإمام علماً وعملاً ـ شيخ الإمام أحمد ـ يحيى بن القطان. وقال الإمام أحمد: لو دفع، أو لو قدر أحدٌ أن يدفع هذا عن نفسه دفعه يحيى. وحدث ذلك لغير هؤلاء، فمنهم الصادق في حاله ومنهم غير ذلك، ولعمري إن الصادق منهم عظيم القدر، لأنه لولا حضور قلب حيِّ، وعلمُ معنى المسموع وقدره، واستشعار معنىً مطلوب يُتلمح منه، لم يحصل ذلك، ولكن الحال الأول أكمل، فإنه يحصل لصاحبه ما يحصل لهؤلاء وأعظم، مع ثباته وقوة جنانه، رضي الله عن الجميع (١).

(ذكر الرجل يسقط عند قراءة القرآن من البكاء:

(أورد أبو بكر الخلال رحمه الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن أبي بكر المروذي، قال: قلت لأبي عبد الله: سمعت محمد بن سعيد الترمذي يقول: قرأت على يحيى فسقط حتى ذهب عقله، قال أبو عبد الله: «لو قدر أن يدفع هذا أحد لدفعه يحيى في كثرة عمله»

(أورد أبو بكر الخلال رحمه الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن الإمام أحمد قال: كان القارئ يقرأ فيخرج الفضيل بن عياض وهو يبكي، فيبكي الناس، ثم قال: بلغني عن محمد بن سعيد، أنه قرأ على يحيى فكان يذهب عقله، أو كان يغمى عليه، ثم قال: «لو كان يحيى يقدر أن يدفعه لدفعه»

(أورد أبو بكر الخلال رحمه الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن يحيى بن معين قال: «كان يحيى بن سعيد إذا قرئ عليه القرآن يسقط حتى يصيب الأرض وجهه، قلت ليحيى: وأنت رأيته؟ قال: لا ولكن بلغني أنه كان يصيبه هذا»

(أورد أبو بكر الخلال رحمه الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن أبي خيثمة زهير بن حرب قال: «كنا عند يحيى القطان، فجاء محمد بن سعيد الترمذي، فقال له يحيى: اقرأ، فقرأ فسقط يحيى مغشيا عليه»

(٢٢) استحباب الجهر بالقرآن إذا لم يترتب عليه مفسدة:


(١). الآداب الشرعية (٢/ ٣٠٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>