للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: كان رجل من الأنصار يقال له أبو شعيب وكان له غلام لَحَّام فرأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرف في وجهه الجوع فقال لغلامه ويحك اصنع لنا طعاما لخمسة نفر فإني أريد أن أدعو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خامس خمسة قال فصنع ثم أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعاه خامس خمسة واتبعهم رجل فلما بلغ الباب قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن هذا اتبعنا فإن شئت أن تأذن له وإن شئت رجع قال لا بل آذن له يا رسول الله.

(وفي الحديث فوائد نسوق منها ما نحن بصدده. ففيه أن من دعا قوماً متصفين بصفة ثم طرأ عليهم من لم يكن معهم حينئذٍ أنه لا يدخل في عموم الدعوة ... وفيه أن من تطفل في الدعوة كان لصاحب الدعوة الاختيار في حرمانه فإن دخل بغير إذنه كان له إخراجه، وإن من قصد التطفيل لم يمنع ابتداءً (١) لأن الرجل تبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يرده لاحتمال أن تطيب نفس صاحب الدعوة بالإذن له. قاله ابن حجر (٢).

(٥) لا ينبغي التكلف للضيف كثيراً بحيث يخرج عن حده المعقول:

وذلك لأن التكلف عموماً منهيٌ عنه، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

((حديث أَنَسٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ (٣).

((حديث سلمان الثابت في صحيح الجامع) قال: نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن التكلف للضيف.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

(نهى عن التكلف للضيف) أي أن يتكلف المضيف له ضيافة فوق ما يليق بالحال لما فيه من الإضرار بل لا يمسك موجوداً ولا يتكلف مفقوداً ولا يزيد على عادته.

(وليس هناك حدٌ معتبر لقولنا هذا فيه تكلف أو ليس فيه تكلف، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف، فما تعارف الناس على أمرٍ وعدوه تكلفاً، فهو تكلف، وما لا فلا. وصنع الطعام للضيف يكون بالقدر الذي يفي بالمقصود بلا إسراف ولا تقتير، وخير الأمور أوسطها، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة


(١). وخالف في ذلك النووي فقال: (أن المدعو إذا تبعه رجل بغير استدعاء ينبغي له أن لا يأذن له وينهاه ... ) (شرح مسلم ح٢٠٣٦) وليس في الحديث ما يدل على ذلك، والصحيح ما قاله ابن حجر.
(٢).فتح الباري (٩/ ٤٧١ - ٤٧٢) (٥٤٣٤)
(٣). البخاري (٧٢٩٣) والحديث له حكم الرفع لقول الصحابي نُهينا. كما هو متقرر في علم الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>