للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يدخلوا بيوت النبي إلا بإذن، والمؤمنون كذلك لا يدخلوا بيوت بعضهم إلا بإذن فالنهي يدخل فيه جميع المؤمنين. قال الشوكاني: فنهى الله المؤمنين عن ذلك في بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودخل في النهي سائر المؤمنين، والتزم الناس أدب الله لهم في ذلك فمنعهم من الدخول إلا بإذن عند الأكل لا قبله لانتظار نضج الطعام (١). وكانت عادتهم في الجاهلية أنهم يأتون إلى الوليمة مبكرين جداً ينتظرون نضج الطعام، فنهاهم الله عن ذلك بقوله: {غير ناظرين إناه} أي: غير منتظرين نضجه وإدراكه (٢).

ثم بين الله-سبحانه وتعالى- أن من أصاب حاجته من الطعام فلينصرف ولا يجلس مستأنس لحديث، لأن ذلك فيه إيذاءٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك بقية الناس فالغالب أنهم يتأذون من بقاء المدعوين بعد الفراغ من الطعام، فلا ينبغي المكث لهم، إلا يكون رب البيت يرغب في بقائهم، أو أن تكون عادة القوم كذلك، ولم يكن هناك مشقة ولا أذى فلا بأس بذلك؛ لأن العلة التي من أجلها جاء النهي انتفت.

(٧) تقديم الأكبر فالأكبر، وتقديم الأيمن فالأيمن:

ينبغي على من أضاف قوماً أن يقدم أكبرهم ويخصه بمزيد عناية، وذلك لحث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك في أيما حديث، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة

((حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

أَرَانِي فِي الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَذَبَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ.

((حديث أنس الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ليس منا من لم يرحم صغيرنا و يوقر كبيرنا.

((حديث أبي موسى الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن من إجلالِ الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم و حاملَ القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه و إكرامَ ذي السلطان المقسط.

((حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ليس منا من لم يجل كبيرنا و يرحم صغيرنا! ويعرف لعالمنا حقه.


(١). فتح القدير (٤/ ٣٤١)
(٢).فتح القدير (٤/ ٣٤٠) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>