للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((حديث أبي سعيدٍ الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا.

(تكفِّر اللسان) أي أن الأعضاء تخضع للسان، وتذل له، وتقر له بالطاعة، فإن استقمت أيها اللسان استقمنا، وإن خالفت وحدت عن الطريق المستقيم، فإنا تبعٌ لك، فاتق الله فينا (١).

((حديث أبي بكر رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ليس شيءٌ من الجسد إلا و هو يشكو ذرب اللسان.

ذرب اللسان: أي فحشه.

(أخبرنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سُنَّتِهِ المُشَرَّفَة أن النجاة أن تملك عليك لسانك، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

(حديث عقبة بن عامر في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.

(الآثار الواردة في حفظ اللسان:

(وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله "يوم حار ويوم بارد" ولقد رُؤيَ بعض الأكابر من أهل العلم في النوم فسئل عن حاله فقال: أنا موقوف على كلمةٍ قلتها قلت: ما أحوج الناس إلى غيث فقيل لي: وما يدريك أنا أعلم بمصلحة عبادي.

(وقال بعض الصحابة لجاريته يوماً: هاتي السفرة نعبث بها ثم قال: أستغفر الله ما أتكلم بكلمة إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا هذه الكلمة خرجت مني بغير خطام ولا زمام، أو كما قال (٢).

(وقال ابن بريدة رأيت ابن عباس رضي الله عنهما آخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيراً تغنم أو اسكت عن سوءٍ تسلم وإلا فاعلم أنك ستندم. فقيل له يا ابن عباس لِمَ تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيءٍ من جسده أشد حنقاً وغيظاً يوم القيامة منه على لسانه إلا من قال خيراً أو أملى به خيراً (٣).

(وكان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لساني (٤).


(١). انظر لسان العرب (٥/ ١٥٠) مادة (كفر)،
(٢) انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم رحمه الله ص ٢٧٦ - ٢٨١.
(٣) ذكره ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم ص ٢٤١.
(٤) ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>