للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقال الحارث المحاسبي: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ولا يحب اطِّلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره أن يطلع الناس على السيء من عمله، فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم وليس هذا من علامات الصديقين وفي هذا نظر لأن كراهته لاطلاع الناس على مساوىء عمله من جنس كراهته للضرب والمرض وسائر الآلام وهذا أمر جبلي طبيعي ولا يخرج صاحبه عن الصدق لا سيما إذا كان قدوة متبعا فإن كراهته لذلك من علامات صدقة لأن فيها مفسدتين: مفسدة ترك الاقتداء به واتباعه على الخير وتنفيذه ومفسدة اقتداء الجهال به فيها فكراهيته لاطلاعهم على مساوئ عمله: لا تنافي صدقه بل قد تكون من علامات صدقه نعم المنافي للصدق: أن لا يكون له مراد سوى عمارة حاله عندهم وسكناه في قلوبهم تعظيما له فلو كان مراده تنفيذا لأمر الله ونشرا لدينه وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ودعوة إلى الله: فهذا الصادق حقا والله يعلم سرائر القلوب ومقاصدها وأظن أن هذا هو مراد المحاسبي بقوله: ولا يكره اطلاع الناس على السيء من عمله فإنهم يريدون ذلك فضولا ودخولا فيما لا يعني فرضي الله عن أبي بكر الصديق حيث قال: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله لو منعوني عناقا أو عقالا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقاتلتهم عليه فهذا وأمثاله يعدونه ويرونه من سيء الأعمال عند العوام والجهال.

(وقال بعضهم: من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت قيل: وما الفرض الدائم قال: الصدق.

(وقيل: من طلب الله بالصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق والباطل.

(وقيل: عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك فإنه ينفعك ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.

(وقيل: ما أملق تاجر صدوق:

[*] (أورد النووي رحمه الله تعالى في كتابه بستان العارفين عن الأستاذ القشيري رحمه الله قال: الصدق عماد الأمر، وبه تمامه، وفيه نظامه، قال: وأقل الصدق استواء السر والعلانية.

[*] (وأورد النووي رحمه الله تعالى في كتابه بستان العارفين عن " سهل " رحمه الله تعالى قال: " لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره ".

[*] (وأورد النووي رحمه الله تعالى في كتابه بستان العارفين عن ذي النون رحمه الله أنه قال: الصدق سيف الله، وما وضع على شيء إلا قطعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>