{تنبيه}: (لا يستخدم المسلم التورية إلا في حالات الحرج البالغ وذلك لأمور منها:
١ - أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب.
٢ - فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا؟.
٣ - أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ولم يدرك تورية المتكلم يكون الموري عنده كذاباً وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً.
٤ - أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين.
(حكم من استخدم التورية للظلم والعياذ بالله:
إذا استخدمت التورية للظلم فلا تجوز، كمن أخذ حقاً من إنسان ثم ذهب إلى القاضي، ولم تكن للمظلوم بيّنة فطلب القاضي من آخذ الحق أن يحلف أن ليس له عندك شيء، فحلف وقال: والله ما له عندي شيء، فحكم له القاضي، ثم كلمه بعض الناس في ذلك وعرفه أن هذه يمين غموس تغمس صاحبها في النار، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
((حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ (١).
((حديث أبي أمامة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ.
فإذا قال هذا الحالف: أنا ما أردت النفي، وإنما أردت الإثبات. ونيتي في كلمة "ما له" أن (ما) اسم موصول أي: والله الذي له عندي شيء. فهذا وإن كان اللفظ يحتمله إلا أنه ظلم فلا يجوز، فإن اليمين على نية المستحلف بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
((حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اليمين على نية المستحلف.
ولو أن رجلاً اتهمت زوجته بالخيانة وهي بريئة منها فحلف وقال: والله إنها أختي وقال: أردت أنها أختي في الإسلام. فهذا تعريض صحيح لأنه أخته في الإسلام، وهي مظلومة.
((١٥) أن يطابق قوله عمله:
(١). سميت بذلك: لأنها تغمس صاحبها في الإثم والنار. الفتح (١١/ ٥٦٤)