وعلى هذا فلا ينبغي لأهل الإيمان أن يرغبوا عن هاتين الركعتين ففيهما خيرٌ كثير.
(٩) فضل القعود في المسجد:
مما جاء في فضل القعود في المساجد وانتظار الصلاة، الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: صَلَاةُ الرَجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَّعَفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَ ذَلَكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوِضُوءَ ثَمَّ خَرَجَ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً فَإِذَا صَلَى لَمْ تَزَلْ المَلَائِكَةُ تُصَلِي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَاه: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَلَاة.
وهذا من رحمة الله بعباده وجزيل كرمه؛ أن رتب على جلوسهم في المساجد وانتظار الصلاة، كأجر المصلي. ثم جعل ملائكته يدعون لمنتظر الصلاة في المسجد، بالرحمة والمغفرة والتوبة!.
{تنبيه}: يفرط كثيرٌ من الناس بالوقت الفاضل-وقت انتظار الصلاة (بين الأذان والإقامة)، فتجدهم يقلبون أعينهم في المصلين أو التالين، وبعضهم يُرسل بصره وعقله في تأمل نقوش المسجد وعمارته إلى غير ذلك، ولو أنهم اغتنموا هذا الوقت الفاضل بقراءة القرآن، أو ذكر الله، أو الاجتهاد في الدعاء لأنه وقت إجابة، لكان فيه خيرٌ كثير.
(١٠) اسْتِحْبَابِ جُلُوسِ الْقُرْفُصَاءِ في المسجد لما فيها من الخشوع:
(حديث قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود): أَنَّهَا رَأَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ، قالت: فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَخَشِّعَ فِي الْجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنْ الْفَرَقِ.
قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داوود:
القرفصاء بضم القاف والراء على الاتباع أن يجلس على إليتيه ويلصق فخديه ببطنه ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه أو يجلس على ركبتيه منكبا ويلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه انتهى.
(الْمُتَخَشِّعَ) أي الخاشع الخاضع المتواضع.
(أُرْعِدْتُ) بصيغة المجهول أي أخذتني الرعدة والاضطراب والحركة.