(حديث طَخْفَةَ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه الثابت في صحيح الأدب المفرد) أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي المَسْجِدِ مِنْ آخِرِ اللّيلِ، أَتَانِي آتٍ وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى بَطْنِي، فَحَرَكَنِي بِرِجْلِهِ فَقَالَ:(قُمْ؛ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ). فَرَفعتُ رَأْسِي فَإِذَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي.
والحديث صريحٌ في النهي عن هذه النومة، وأن الله -سبحانه وتعالى- يمقتها، وما كان مكروهاً لله فيجتنب.
وأما سبب الكراهة هي مشابهة أهل النار في نومهم، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ عَلَى بَطْنِي فَرَكَضَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ يَا جُنَيْدِبُ إِنَّمَا هَذِهِ ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ.
(٩) كراهية النوم على سطح لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ:
(حديث علي بن شيبان رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ.
قال فضل الله الجيلاني: ... أنه يلزم الإنسان أن لا يقصر في مراعاة الأسباب العادية لجلب ما ينفع ودفع ما يضر، وهذا الحديث من أدلة ذلك، فمن بات على سطح لا حجاب عليه فقد قصر في مراعاة الأسباب العادية لاجتناب لا ضرر، فإن النائم قد ينقلب في نومه وقد يقوم ولا يزال أثر النوم عليه فيسعى إلى غير الطريق فيسقط، فكان ينبغي له مراعاة الأسباب العادية بأن لا ينام في ذلك الموضع، فإذا نام فقد عرض نفسه للسقوط فيسقط، فمن تعاطى الأسباب العادية وذكر اسم الله تعالى واعتمد عليه فهو في ذمة الله عز وجل، إنا أن يحفظه وإما أن يثيبه على ما أصابه من ضرر بكفارة السيئات أو رفع الدرجات، فإن أصابه ما فيه هلاكه بعد اتخاذ الأسباب فهو شهيد كما ورد في المتردي والغريق ونحوهما، ومن قصّر بعد وسعه لم يكن في ذمة الله عز وجل، فإن أصابه ضرر لم يثب، وإن هلك لم يكن شهيداً، بل يخشى أن يعد قاتلاً نفسه، والله أعلم بالصواب (١).