للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجرد علم المريض بعائده لا تتوقف مشروعية العيادة عليه، لأن وراء ذلك جبر بخاطر أهله، وما يرجى من بركة دعاء العائد، ووضع يده على المريض، والمسح على جسده والنفث عليه عند التعويذ وغير ذلك (١)، (٢).

(٥) عيادة المشرك:

فصل الخطاب في عيادة المشرك يجوز للمسلم أن يعود الكافر بغرض الدعوة إن رُجِي إسلامه وإلا فلا، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة


(١). فتح الباري: (١٠/ ١١٩). قال ابن المنير: ليس في حديث جابر التصريح بأنهما علما أنه مغمى عليه قبل عيادته، فلعله وافق حضورهما. [ورد ذلك ابن حجر فقال:] قلت: بل الظاهر من السياق وقوع ذلك حال مجيئهما وقبل دخولهما عليه، ومجرد علم المريض بعائده .... الخ. (١٠/ ١١٨ - ١١٩).
(٢). تنبيه: تُثار في بعض الدول العربية فكرة إراحة المريض المتوفى دماغياً، وذلك عن طريق إعطاءه حقنة تميته، ويحتجون بأن هذا المريض حسب قوانينهم الطبية ميت لا محالة وإنما هي مسألة وقت، ونحن نعطيه هذه الحقنة حتى نُريحه من الالآم التي قد يجدها أثناء حياته.
ويقال لهم: أنتم بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب لا تريحونه بل تحرمونه وتحرمون غيره، ففي بقائه على قيد الحياة وهو على تلك الحال، تكفيرُ من سيئاته، ورفعٌ لدرجاته إن كان من أهل الإيمان والإحسان. ففي حديث ابن مسعود-رضي الله عنه- قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما من مسلم يُصيبه أذى مرضٌ فما سواه إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) رواه البخاري (٥٦٦٧) وغيره. وفي بقائه على قيد الحياة أنه قد تناله دعوة صالحة، فيقبلها الله عز وجل فيشفى من مرضه ذاك- والله على كل شيء قدير-. أو تغفر له ذنوبه بدعوات المسلمين له. وفي بقائه على قيد الحياة، تكفير لسيئات أهله الذين أصابهم الهم والغم. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) رواه البخاري (٥٦٤٢) وغيره. وفي بقائه على قيد الحياة استمرار البر وعدم انقطاعه وخصوصاً إن كان المريض أباً أو أماً. وفي بقائه على قيد الحياة تكثير الأجر بعيادة المريض وزيارته. فمن أجل هذه المعاني التي ذكرناها وغيرها، نعرف شناعة قول من قال: إنه لا فائدة ترجى من بقاء المتوفى دماغياً على قيد الحياة وأن الموت أفضل له. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>