للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أورد ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية عن المروذي قال: عُدت مع أبي عبد الله مريضاً بالليل وكان في شهر رمضان، ثم قال لي: في شهر رمضان يُعادُ بالليل (١).

وكذا الظهيرة فإن العادة جرت أن يقيل الناس، ويخلدوا إلى الراحة.

أورد ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية عن الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله: فلانٌ مريض وكان عند ارتفاع النهار في الصيف، فقال: ليس هذا وقت عيادة (٢).

والمكان معتبرٌ في العيادة ـ أيضاً ـ، فما تعارف عليه أهل هذه البلاد واعتادوه من أوقات معينة للعيادة والزيارة، قد لا يكون في بلاد أخرى معتاداً عليه.

(٧) التخفيف عند عيادة المريض:

ينبغي على العائد أن لا يطيل الجلوس ولا المكث عند المريض، لأن المريض مشغولٌ بأوجاعه وألآمه، وطول مقام العائد عنده يشق عليه وقد يزيد في ألمه. ولذا كان من حسن العيادة تخفيفها. فعن ابن طاوس عن أبيه قال: أفضل العيادة أخفها ... وقال الأوزاعي: خرجت إلى البصرة أريد محمد بن سيرين، فوجدته مريضاً به البطن، فكنا ندخل عليه نعوده قياماً ... وقال الشعبي: عيادة حمقى القرى أشد على أهل المريض من مرض صاحبهم، يجيئون في غير حين عيادة ويطيلون الجلوس (٣).

ولكن ينبغي أن يُعْلَمَ، أنه إن كان المريض يُحب طول مقام العائد عنده وتكرار زيارته، فالأولى للعائد أن يستجيب لرغبته لما في ذلك من إدخال السرور عليه، وتطييب قلبه كما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعود سعد بن معاذ عندما أصيب يوم الخندق، حيث أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تضرب لسعد خيمة في المسجد ليعوده من قريب،

(حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري) قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا فَمَاتَ فِيهَا.

ومن من الصحابة لا يحب مقام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنده، أو تكرار زيارته!.

(٨) يستحب للعائد أن يجلس عند رأس المريض:


(١). الآداب الشرعية (٢/ ١٩٠)
(٢). الآداب الشرعية (٢/ ١٨٩)
(٣). التمهيد لابن عبد البر (٢٤/ ٢٧٧) مع تقديم وتأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>