للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تنبيه٢}: يحتج بعض الناس بفعل أبي بكر الصديق-رضي الله عنه-، وأن ثوبه كان يسترخي. و لاحجة في ذلك لأحد، بل إن الحجة قائمة عليهم. فعن ابن عمر-رضي الله عنهما- أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. قال أبو بكر: ... يا رسول الله إن أحد شقَّي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لست ممن يصعنه خيلاء) (١). ونقول للمحتج نُبيح لك إرخاء ثوبك إذا توفرت فيك ثلاثة أمور: أولها: أن يكون أحد شقي إزارك يسترخي وليس من جميع جوانب الثوب. والثاني: أن تتعاهد ثوبك برفعه كلما سقط، كما كان أبو بكر -رضي الله عنه- يفعل، فيكون ذلك بغير اختيار منك. قال ابن حجر: عند أحمد [أي في رواية عند أحمد]: (إن إزاري يسترخي أحياناً) [قال]: فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أوغيره بغير اختياره، فإذا كان محافظاً عليه لا يسترخي لأنه كلما كاد يسترخي شده. اهـ (٢). والثالث: أن يشهد لك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنك ممن لا يفعله خيلاء‍!. وهذا الأخير منتفٍ الآن، ولا سبيل إليه.

{تنبيه}: جر الثوب على ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون للخيلاء. وهذا لا ينظر الله إليه يوم القيامة.

الثاني: أن يكون عن قصد وعلى وجه دائم، وليس خيلاء إنما تبعٌ لعادة الناس. فهذا ينطبق عليه قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) (٣).

الثالث: أن يكون لعارض طاريء، ولم يكن فيه خيلاء. وهذا الأخير لا بأس به لوقوعه من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما خسفت الشمس: (فقام يجر ثوبه مستعجلاً حتى أتى ... المسجد) (٤). قال ابن حجر: فيه أن الجر إذا كان بسبب الإسراع لا يدخل في النهي ... اهـ (٥). ولوقوعه من أبي بكر الصديق-رضي الله عنه- كما مر معنا (٦).

(٨) من السنة التيامن في اللباس ونحوه:

والأصل في ذلك حديث عائشة الآتي:


(١). رواه البخاري (٥٧٨٤) واللفظ له، ومسلم (٢٠٨٥)، وأحمد (٥٣٢٨)، والترمذي (١٧٣٠)، والنسائي (٥٣٣٥)، وأبو داود (٤٠٨٥)، وابن ماجه (٣٥٦٩)، ومالك (١٦٦٩٦)
(٢). فتح الباري (١٠/ ٢٦٦)
(٣).رواه البخاري (٥٧٨٧)،وأحمد (٩٠٦٤)، والنسائي (٥٣٣٠).
(٤). رواه البخاري (٥٧٨٥)، وأحمد (١٩٨٧٧)، والنسائي (١٥٠٢)
(٥). فتح الباري (١٠/ ٢٦٧)
(٦). هذا ملخص ما ذكره الشيخ: محمد بن الصالح العثيمين في شرحه لكتاب اللباس من صحيح البخاري (شريط رقم ٢ وجه أ)

<<  <  ج: ص:  >  >>