للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ.

قال النووي رحمه الله: واختلف العلماء فيه، فقال ابن العربي المالكي: قيل: يقال له في الثانية: إنك مزكوم، وقيل: يقال له في الثالثة، وقيل: في الرابعة، والأصح أنه في الثالثة. قال: والمعنى أنك لست ممن يشمت بعد هذا؛ لأن هذا الذي بك زكام ومرض، لا خفة العطاس (١). وقوله في الحديث: (الرجل مزكوم) تنبيه على الدعاء له بالعافية، لأن الزكمة علة، وفيه اعتذار من ترك التشميت بعد الثلاث، وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها، فيصعب أمرها، فكلامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كله حكمة ورحمة، وعلم وهدى، قاله ابن القيم (٢).

(٨) جواز تشميت أهل الذمة:

(حديث أ أبي موسى رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) قَالَ: كَانَتْ الْيَهُودُ تَعَاطَسُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ فَكَانَ يَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ.

وعلى هذا يجوز الدعاء لأهل الذمة -إذا حمدوا الله بعد عطاسهم- بالهداية والتوفيق للإيمان، ولا يُدعى لهم بالرحمة والمغفرة، فهم ليس أهلٌ لذلك.

ثانياً: آداب التثاؤب:

(١) استحباب كظم التثاؤب وهو من الشيطان:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ.

(حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ.

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

والثتاؤب يكون غالباً مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل، وإضافته إلى الشيطان لأنه الذي يدعو إلى الشهوات، والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك وهو التوسع في المأكل وإكثار الأكل (٣).


(١). الأذكار (٣٩٣)
(٢). زاد المعاد (٢/ ٤٤١)
(٣). شرح صحيح مسلم. المجلد التاسع (١٨/ ٩٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>