كان الربيع بن خثيم رحمه لله تعالى مثلاً أعلى في خشيته لله تعالى ولعل من أبرز المواقف التي تُظهرُ ذلك ظهوراً جلياً موقفه الشريف عندما تعرضت له امرأةٌ بارعة الجمال، فكان موقفه منها موقف الرجل التقي النقي العفيف الحيي الحر الأبيِّ وليس موقف الفاجر الشقي العتي الغوي الذي يسير أسيراً ذليللاً وراء شهواته وهاك الموقف فتأمله بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
أمرَ قومٌ امرأةً ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع ابن خيثم لعلها تفتنه، وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم!
فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه، ثم تعرضت له حين خرج من مسجده. فنظر إليها، فراعه أمرها، فأقبلت عليه وهي سافرة.
فقال لها الربيع: كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك، فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت، فقطع منك حبل الوتين؟
أم كيف بك لو سألك منكر ونكير؟
فصرخت المرأة صرخة، فخرت مغشيا عليها، فوالله لقد أفاقت، وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق.
{تنبيه}: للافتتان بالمرأة شرطان متلازمان:
(١) أن تخضع بالقول
(٢) أن يكون الرجل في قلبه مرض مصداقاً لقوله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}(سورة الأحزاب/٣٢)
فالمرأةُ خضعت بالقول لكن الربيع ابن خيثم لم يكن في قلبه مرض كحال الذين يسيل لعابهم وراء الشهوات والعياذ بالله فحصل له النجاة لذلك.
ودونك ما تيسر من المواقف الأخرى الدالة على مدى خشية الربيع بن خثيم رحمه لله تعالى:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن بكر بن ماعز، قال: انطلق الربيع بن خثيم وعبد الله بن مسعود إلى شاطئ الفرات فمر بتلك الحدادين فلما رأى تلك النيران خر مغشياً عليه، فرجع إليه فقال: يا ربيع، فلم يجبه، فانطلق فصلى بالناس العصر ثم رجع إليه، فقال: يا ربيع يا ربيع، فلم يجبه، ثم انطلق فصلى بالناس المغرب ثم رجع، فقال: يا ربيع يا ربيع، فلم يجبه، حتى ضربه برد السحر.