للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من القواعد العامة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يكون الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر عالما بما يأمر به وبما ينهى عنه، .. يعلم ما هو المنهي عنه شرعا حتى ينهى عنه، ويعلم ما هو المأمور به شرعا حتى يأمر الناس به، فإنه إن أمر ونهى بغير علم فإن ضرره يكون أكثر من نفعه، لأنه قد يأمر بما ليس بمشروع، وينهى عما كان مشروعا وقد يحلل الحرام ويحرم الحلال وهو لا يعلم (١).

ولأهمية العلم النافع أمر الله به، وأوجبه قبل القول والعمل، قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلََهَ إِلا اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) [محمد: ١٩]

وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله لهذه الآية بقوله: (باب العلم قبل القول والعمل) (٢).

وذلك أن الله أمر نبيه بأمرين: بالعلم، ثم بالعمل، والمبدوء به العلم في قوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلََهَ إِلا اللّهُ) [محمد: ١٩]

، ثم أعقبه بالعمل في قوله: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) [محمد: ١٩]

، فدل ذلك على أن مرتبة العلم مقدمة على مرتبة العمل، وأن العمل شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو مقدم عليهما، لأنه مصحح للنية المصححة للعمل (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

عند حديثه عن شروط الأمر والنهي: (ولا يكون عمله صالحا إن لم يكن بعلمٍ وَفِقْه .. وهذا ظاهر فإن العمل إن لم يكن بعلم كان جهلًا وضلالا، واتباعا للهوى وهذا هو الفرق بين أهل الجاهلية وأهل الإسلام فلا بد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور وحال المنهي) (٤).

وأضاف يقول: وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعًا ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد (لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقًا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه) (٥).


(١) انظر محاضرات في العقيدة والدعوة، للدكتور صالح الفوزان، ٢/ ٣٢٨.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح، ١/ ١٥٩، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل.
(٣) انظر فتح الباري، ١/ ١٦٠، وحاشية الأصول الثلاثة، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص١٥.
(٤) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ص ١٧.
(٥) المرجع السابق، ص١٨، وانظر مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة، ص ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>