للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيّنُ اللّهُ لَكُمُ الاَيَاتِ لَعَلّكُمْ تَتَفَكّرُونَ) [البقرة: ٢١٩]

فشارب الخمر يترك العبادة، ويتعدى على الآخرين بالضرب والشتم والقتل وغير ذلك، وهذه المفاسد العظيمة لا تقاومها أي مصلحة أو منفعة مزعومة.

(٣) قوله تعالى: (وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيّنّا لِكُلّ أُمّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ مّرْجِعُهُمْ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأنعام: ١٠٨]

في هذه الآية نهانا الله تعالى عن سب آلهة المشركين، وذلك للمفسدة الكبيرة المترتبة على ذلك، وهي سبهم لله تعالى مع أن سب آلهتهم وتحقيرها فيه مصلحة، إلا أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ٠

الأدلة من السنة النبوية:

ومن الأدلة من السنة النبوية:

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ ـ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِكُفْرٍ ـ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.

وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: (باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يَقْصُرَ فهمُ بعض الناس عنه فيقعوا في أشدَّ منه).

قال ابن حجر رحمه الله في الفتح:

(وفي الحديث معنى ما تُرْجِمَ له لأن قريشا كانت تعظم أمر الكعبة جدا، فخشيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غيّر بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك، ويُستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه) (١).

(حديث أبن مسعودٍ الثابت في الصحيحين) قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.

فترك - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثرة الوعظ والتعليم لدفع مفسدة النفور والفتور والانقطاع.


(١) فتح الباري، ١/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>