(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الرجل لتُرْفَع درجته في الجنة فيقول: أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك.
مسألة: هل الدعاء للوالدين بعد موتهما أفضل أم الصدقة؟
دلت السنة الصحيحة بما لا يدع مجالاً للشك أن أنفع شيء للوالدين بعد موتهما هو الدعاء لهما، فالدعاء لهما بعد موتهما أنفع من سائر أعمال البر من الصدقة وغيرها.
[*] قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدعاء بمقام التحديث عن العمل فكان هذا دليلا على أن الدعاء للوالدين بعد موتهما أفضل من الصدقة عنهما، وأفضل من العمرة لهما وأفضل من قراءة القرآن لهما وأفضل من الصلاة لهما لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمكن أن يعدل عن الأفضل إلى المفضول، بل لابد أن يبين عليه الصلاة والسلام ما هو الأفضل، ويبين جواز المفضول، وقد بين في هذا الحديث ما هو الأفضل.
أما بيان جواز المفضول، ففي الحديث الآتي:
(لحديث عائشة الثابت في الصحيحين) أن رجلا أتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال * يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال نعم.
{تنبيه}: يتضح لنا من هذا الحديث فائدتان عظيمتان هما:
[١] أن الدعاء للوالدين من أعظم أمور البر بهما
[٢] أن الدعاء للوالدين بعد موتهما أفضل من التصدق عنهما وأفضل من الحج والعمرة عنهما ما داما قد أديا الفريضة من حجٍ أو عمرة، ومن هنا يتضح لنا القاعدة الذهبية التي ذكرها الحافظ بن حجر في الفتح وهي: {اتباع السنة أولة من كثرة العمل}
(٢٨) أن يدعو لإخوانه المؤمنين:
فهذا من مقتضيات الأخوة، ومن أسباب إجابة الدعوة؛ قال تعالى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد / ١٩]
وذكر عن نوح _ عليه السلام _ قوله قال تعالى: (رّبّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [نوح / ٢٨]
(حديث عبادة في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمنٍ حسنة.
ويحسن أن يُخص بالدعاء _ الوالدان، والعلماء، والصالحون، والعبَّاد، ومن في صلاحهم صلاح لأمر المسلمين كأولياء الأمور وغيرهم ...