أما الدنيا فمالها وسعيد بن المسيب فكان رحمه الله تعالى يرى أنها نذلة، وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في الحلية عن سفيان بن عيينة، قال: قال سعيد بن المسيب: أن الدنيا نذلة، وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها.
{تنبيه}: إن فهم سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى الدقيق لحقيقة الدنيا لهو خير دواء لهذه المادية التي خيمت على كل شيءٍ في حياتنا وصيَّرت سوادَ قلبنا حالك وأردت الكثيرين منا المهالك وأخلدتهم إلى الأرض فضاعت من حياتهم كل فضيلة وصاروا لا يفهمون إلا لغة الدينار والدرهم فلم يحصدوا من وراء كل هذا إلا القلق والحيرة والشك وصاروا في قلقٍ دءوب وهمٍ مستمر وحَيْرَةٍ لا تنقطع واستعصت عليهم السعادة الحقيقية فكانوا بمنأى عنها.
وأما عن رؤيته للمال فلقد كان يعيش من كسب يده له أربعمائة دينار يتجر بها في الزيت ويقول عن هذا المال: اللهم إنك تعلم أنى لم أمسكه بخلا ولا حرصا عليه ولا محبة للدنيا ونيل شهواتها وإنما أريد أن أصون به وجهي عن بنى مروان حتى ألقى الله فيحكم فيّ وفيهم وأصل منه رحمي وأؤدي منه الحقوق التي فيه وأعود منه على الأرملة والفقير والمسكين واليتيم والجار، وكان له في بيت المال بضعة وثلاثون ألفا من الدراهم عطاؤه تراكمت بسبب رفضه قبولها فكان حين يدعى إليها يأبى ويقول: لا حاجة لي فيها حتى يحكم الله بيني وبين بنى مروان.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في الحلية عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله يعطي منه حقه ويكف به وجه عن الناس.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في الحلية عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: لا خير فيمن لا يحب هذا المال يصل به رحمه ويؤدي به أمانته ويستغني به عن خلق ربه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في الحلية عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أنه مات وترك ألفين أو ثلاثة آلاف دينار وقال: ما تركتها إلا لأصون بها ديني وحسبي.
رواه الثوري عن يحيى بن سعيد، عن سعيد، وقال: ترك مائة دينار، وقال: أصون بها ديني وحسبي.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في الحلية عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري، عن عمه، عن سعيد المسيب، قال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه.