للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان سعيد بن جبير من كبار التابعين، الذين ساروا على سنن الهدى، واقتفوا أثر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،وكان الكتاب والسنة له كالجناحين للطائر يتمسك بهما ويَعُضُ عليهما بالنواجذ، وكان رحمه الله من العلماء العاملين الرانين من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدُجى الذين باعوا الدنيا طلبًا للأخرى، وقد وثقه أهل العلم كافة، حتى قالوا في وصفه: ثقة إمام حجة على المسلمين.

كان الناس يرونه ـ منذ نعومة أظفاره ـ إما عاكفًا على كتاب يتعلم، أو قائمًا في محراب يتعبد، فهو بين طلب العلم والعبادة، إما في حالة تعلم، أو في حالة تعبد،

وُلِدَ سعيد بن جبير في زمن خلافة الإمام على بن أبي طالب - رضي الله عنه- بالكوفة، وقد نشأ سعيد محبًّا للعلم، مقبلاً عليه، ينهل من معينه، أخذ سعيد العلم عن طائفة من كبار الصحابة، من أمثال أبي سعيد الخدري، و أبي موسى الأشعري، وعبد الله بن عمر، رضي اللَّه عنهم أجمعين، لكن يبقى عبد الله بن عباس ـ حبر هذه الأمة ـ هو المعلم الأول له.

لازم سعيد بن جبير عبد الله بن عباس ملازمة الظل لصاحبه، ومما يدل على صدق ملازمته لابن عباس وإقباله على العلم إقبال الظامئ على المورد العذب الأثر الآتي:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن سعيد بن جبير قال ربما أتيت ابن عباس فكتبت في صحيفتي حتى أملأها وكتبت في نعلي حتى أملأها وكتبت في كفي.

قرأ سعيد بن جبير القرآن على ابن عباس، وأخذ عنه الفقه والتفسير والحديث، كما روى الحديث عن أكثر من عشرة من الصحابة، وتلقى عنه القراءات القرآنية الثابتة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرأ بها، وتفقّه على يديه في الدين، وتعلم منه علم التأويل،، وقد بلغ رتبة في العلم لم يبلغها أحد من أقرانه،

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن خصيف قال كان أعلمهم بالقرآن مجاهد وأعلمهم بالحج عطاء وأعلمهم بالحلال والحرام طاووس وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبير.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أشعث بن إسحاق قال كان يقال سعيد بن جبير جهبذ العلماء.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن علي بن المديني قال ليس في أصحاب ابن عباس مثل سعيد بن جبير قيل ولا طاووس قال ولا طاووس ولا أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>