كان سعيد بن جبير رحمه الله تعالى مناهضاً للحجاج بن يوسف الثقفي أحد أمراء بني أمية، لأنه يري الدماء تسفك وآلاف الناس تعيش بين أسوار السجون والمعتقلات بلا جريرة علي يد الحجاج، الذي كان يعتبر نفسه الدرع الواقي للدولة الأموية، والخادم المطيع لخلفائها من بني مروان، فكان من الطبيعي أن يثور عليه رجل مثل التابعي الجليل سعيد بن جبير، فهو يري مظالمه، ويري فحشه، ويري أخذه الناس بالشبهات، تابع سعيد بن جبير ابن الأشعث عندما خرج على الحجاج، ودعا الناس إلى قتال الحجاج لجوره، وتجبره، وإماتة الصلاة، واستذلال المسلمين، فلما انهزم ابن الأشعث فر سعيد بن جبير إلى مكة، وظل مختفياً اثنتي عشرة سنة، ثم ظفر به الحجاج في السنة التي هلك فيها، لما أراده الله عز وجل للحجاج الثقفي لعنة الله على الظالمين من سوء الخاتمة، وكذا لسوق السعادة والشهادة بن جبير، فقتله أشنع قتلة وهو صابر محتسب، راغب في فضل الله عز وجل والجنة، فنسأل الله عز وجل أن يرفعه فوق كثير من خلقه لصبره وعبادته، وبذله وشهادته، والغريب أن أحد الجنود حاول أن يقوم بتهريب سعيد بن جبير .. أو بمعني أدق أن يمهد له طريق الهرب، ولكن سعيد رفض ذلك، وقرر أن يواجه الطاغية، حتى لو كانت في مواجهته النهاية المحتومة، فقد روي المؤرخون أن سعيد بن جبير كان ينهي الحجاج عن الظلم والبطش، كان ينصح الناس بمخالفته وبالوقوف في وجهه، وضاق الحجاج ذرعا بتصرفات سعيد رحمه الله فاستدعاه ودارت بينهما مناقشة طويلة تدل علي قوة إيمان سعيد، وصدق يقينه، وثبات جنانه وشجاعته في الحق.
، ولما قبض الحجاج على سعيد بن جبير وجدَ الحجاج سعيد بن جبير جبلاً راسياً شامخاً لم ينحني إلا لخالقه سبحانه، روت كتب السير قصة بلاؤه منها ما يلي:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي حصين قال رأيت سعيد بمكة فقلت إن هذا قادم يعني خالد بن عبد الله ولست آمنه عليك قال والله لقد فررت حتى استحييت من الله قلت طال اختفاؤه فإن قيام القراء على الحجاج كان في سنة اثنتين وثمانين وما ظفروا بسعيد إلى سنة خمس وتسعين السنة التي قلع الله فيها الحجاج.