للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى زينة الحياة الدنيا، ورفض كل مظاهر الملك التي كانت لمن قبله من الخلفاء، وأقام في بيت متواضع بدون حرس ولا حجاب، ومنع نفسه التمتع بأمواله، وجعلها لفقراء المسلمين، وتنازل عن أملاكه التي ورثها عن أبيه، ورفض أن يأخذ راتبًا من بيت المال، كما جرَّد زوجته فاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان من حليها وجواهرها الثمينة، وطلب منها أن تعطيها لبيت المال، فقال لها: اختاري .. إما أن تردي حليك إلى بيت المال، وإما أن تأذني لي في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وأنت ومعك هذه الجواهر في بيت واحد، فأنت تعلمين من أين أتى أبوك بتلك الجواهر، فقالت: بل أختارك يا أمير المؤمنين عليها وعلى أضعافها لو كانت لي، فأمر عمر بتلك الجواهر فوضعت في بيت المال.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في الحلية عن الفرات بن السائب، أن عمر بن عبد العزيز قال لامرأته فاطمة بنت عبد الملك - وكان عندها جوهر أمر لها أبوها به لم ير مثله: أختاري إما أن تردي حليك إلى بيت المال، وإما تأذني لي في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وانت وهو في بيت واحد، قالت: لا بل أختارك يا أمير المؤمنين عليه وعلى أضعافه لو كان لي، قال: فأمر به فحمل حتى وضع في بيت مال المسلمين، فلما هلك عمر واستخلف يزيد قال لفاطمة: إن شئت يردونه عليك قالت: فإني لا أشاؤه، طبت عنه نفساً في حياة عمر وأرجع فيه بعد موته؟ لا والله أبداً. فلما رأى ذلك قسمه بين أهله وولده.

{تنبيه}: لقد ضرب الإمام عمر بن عبد العزيز أروع المثل في الزهد لأن الدنيا أتته راغمةً بين يديه فطلقها ثلاثاً وبتَّ طلاقها ورغب في الآخرة التي هي خيرٌ وأبقى.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن مالك بن دينار، قال: الناس يقولون مالك بن دينار زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: قال لي أبو جعفر ـ يعني أمير المؤمنين ـ كم كانت غلة أبيك عمر حين ولى الخلافة؟ قلت: أربعين ألف دينار، قال: فكم كانت غلته حين توفي؟ قلت: أربعمائة دينار، ولو بقى لنقصت.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عمرو بن مهاجر كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>