قال الذهبي رحمه الله تعالى: قلت وذلك لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله.
(٥) زهد الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:
ولد الفضيل بن عياض في أرض خراسان ثم رحل إلى الكوفة في العراق، فسمع الأحاديث النبوية الشريفة والفقه من العلماء؛ أمثال الأعمش ويحيي بن سعيد الأنصاري وجعفر الصادق فأثرت تأثيرًا كبيرًا في شخصيته، حتى أصبح من الزهاد الذين يرون أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولا تستحق أن يتكالب الناس عليها، ويتصارعون من أجلها، فهي فانية زائلة، بل الأولى أن يعمل الناس
لأخراهم، فهي الباقية الدائمة بفعل الخير، وتجنب المعاصي، ثم انتقل إلى مكة وأقام بها حتى توفي، وكان إذا خرج في جنازة مع الناس، يعظهم ويذكرهم بالآخرة، حتى إذا وصل إلى المقبرة، جلس في حزن شديد، وظل يبكي ولا ينقطع بكاؤه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لو أن الدنيا بحذافيرها عَرِضَتْ عليّ حلالا لا أحاسبُ بها في الآخرة لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: أكذب الناس المدل بحسناته، وأعلم الناس به أخونهم له. وسمعته يقول: إن رهبة العبد من الله عز وجل على قدر علمه بالله، وإن زهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: قيل: يا ابن آدم اجعل الدنيا داراً تبلغك لأثقالك، واجعل نزولك فيها استراحة لا تحبسك كالهارب من عدوه، والمتسرع إلى أهله في طريق مخوف لا يجد مسالماً يقدم فيه من الراحة، متبذلا في سفره ليستبقى صالح ما عنده لإقامته، فإن عجزت أن تكون كذلك في العمل فليكن ذلك هو الأمل، وإياك أن تكون لصاً من لصوص تلك الطريق ممن:(يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[الأنعام: ٢٦]. فإن العين ما لم يكن بصرها من القلب فكأنما أبصرت سهواً، و لم تبصره، وإن آية العمى إذا أردت أن تعرف بذلك نفسك أو غيرك، فإنها لا تقف عن الهلكة، ولا تمضيه في الرغبة فذلك أعمى القلب، وإن كان بصير النظر، فإذا العاقل أخرج عقله فهو يدبر له أمره، ومن تدبر الكتاب تمضيه الرغبة وترده الرهبة، فذلك البصير، وإن كان أعمى البصر.