للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّنْظِيفِ وَالتَّجَمُّلِ لِلْجُمُعَةِ وَقَصْدِهَا بِسَكِينَةٍ وَالتَّبْكِيرِ وَالدُّنُوِّ مِنْ الْإِمَام

١١٩٠ - (عَنْ ابْنِ سَلَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ «سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد) .

١١٩١ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَلْبَسُ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ طِيبٌ مَسَّ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوز لَنَزَلَ فِيهِ الْقُرْآن كَمَا اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ فِي جَوَاز الْعَزْل بِأَنَّهُمْ فَعَلُوا وَالْقُرْآن يَنْزِل فَلَمْ يُنْهَوْا عَنْهُ.

وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ: أَنَّ جُوَاثَى اسْم حِصْن الْبَحْرَيْنِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنهَا قَرْيَة. وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ أَبِي الْحَسَن اللَّخْمِيِّ أَنَّهَا مَدِينَة، وَمَا ثَبَتَ فِي نَفْس الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنهَا قَرْيَة أَصَحّ مَعَ احْتِمَال أَنْ تَكُون فِي أَوَّل الْأَمْر قَرْيَة ثُمَّ صَارَتْ مَدِينَة.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابه، وَبِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْبَاقِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ، وَأَسْنَدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحُذَيْفَةَ وَغَيْرهمَا أَنَّ الْجُمُعَة لَا تُقَام إلَّا فِي الْمُدُن دُون الْقُرَى. وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرْفُوعًا: «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» وَقَدْ ضَعَّفَ أَحْمَدُ رَفْعَهُ وَصَحَّحَ ابْنُ حَزْمٍ وَقْفَهُ، وَلِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسْرَحٌ فَلَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْل الْبَحْرَيْنِ أَنْ جَمِّعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ. وَهَذَا يَشْمَل الْمُدُن وَالْقُرَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ أَهْل مِصْرَ وَسَوَاحِلهَا كَانُوا يُجَمِّعُونَ عَلَى عَهْد عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِأَمْرِهِمَا وَفِيهَا رِجَال مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَهْل الْمِيَاه بَيْن مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُجَمِّعُونَ فَلَا يَعْتِبُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ وَجَبَ الرُّجُوع إلَى الْمَرْفُوع.

وَيُؤَيِّد عَدَم اشْتِرَاط الْمِصْر حَدِيثُ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيَّةِ الْمُتَقَدِّم. وَذَهَبَ الْهَادِي إلَى اشْتِرَاط الْمَسْجِد، قَالَ: لِأَنَّهَا لَمْ تُقَمْ إلَّا فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَسَائِر الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ غَيْر شَرْط، قَالُوا: إذْ لَمْ يُفَصِّلْ دَلِيلهَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قُلْت: وَهُوَ قَوِيّ إنْ صَحَّتْ صَلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَطْن الْوَادِي اهـ.

وَقَدْ رَوَى صَلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَطْن الْوَادِي ابْنُ سَعْدٍ وَأَهْل السِّيَر، وَلَوْ سَلِمَ عَدَم صِحَّة ذَلِكَ لَمْ يَدُلّ فِعْلهَا فِي الْمَسْجِد عَلَى اشْتِرَاطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>