١١٩٢ - (وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَرُوحُ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ لِلْإِمَامِ إذَا تَكَلَّمَ إلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَدِيثُ الْأَوَّل لَهُ طُرُق عِنْدَ أَبِي دَاوُد: مِنْهَا عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ سَلَامٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمِنْهَا عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ يُوسُف بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلِيُوسُفَ صُحْبَةٌ، وَذَكَر غَيْره أَنَّ لَهُ رِوَايَة. وَمِنْهَا عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ حِبَّانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَخْرَجَهُ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَاغًا، وَوَصَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي إسْنَاده نَظَر. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِم وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ وَجَدَ» قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيُّ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَمَّا الْغُسْل فَأَشْهَد أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الِاسْتِنَان وَالطِّيب فَاَللَّه أَعْلَم: أَوَاجِبٌ أَمْ لَا؟ وَلَكِنْ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ.
وَالْحَدِيثُ الْأَوَّل يَدُلّ عَلَى اسْتِحْبَابِ لِبْسِ الثِّيَابِ الْحَسَنَة يَوْم الْجُمُعَة وَتَخْصِيصه بِمَلْبُوسٍ غَيْر مَلْبُوس سَائِر الْأَيَّام. وَحَدِيث أَبِي سَعِيدٍ فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْغُسْلِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاللُّبْسِ مِنْ صَالِحِ الثِّيَابِ وَالتَّطَيُّبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى الْغُسْل فِي أَبْوَابه. وَأَمَّا لُبْس صَالِحِ الثِّيَاب وَالتَّطَيُّبُ فَلَا خِلَاف فِي اسْتِحْبَاب ذَلِكَ.
وَقَدْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاع عَلَى عَدَم وُجُوبِ الطِّيب وَجَعْل ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى عَدَم وُجُوب الْغُسْل. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إنَّهُ كَانَ يُوجِب الطِّيبَ يَوْم الْجُمُعَة، وَبِهِ قَالَ بَعْض أَهْل الظَّاهِر، وَبِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِع عَطْف مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَاجِبِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْط الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْغُسْل.
قَوْلُهُ: (وَيَتَطَهَّرُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْر) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيُّ " مِنْ طُهْره " وَالْمُرَاد الْمُبَالَغَة فِي التَّنْظِيف، وَيُؤْخَذ مِنْ عَطْفه عَلَى (يَغْتَسِلُ) أَنَّ إفَاضَةَ الْمَاءِ تَكْفِي فِي حُصُولِ الْغُسْلِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْمُرَاد بِالْغُسْلِ غَسْل الْجَسَد، بِالتَّطَهُّرِ غَسْل الرَّأْس قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute