للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

بِكَسْرِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ، وَقَاسَ سَائِرَ الْمَأْكُولَاتِ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ) هِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اسْمُهُ يَسَارُ بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ.

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُمْ قَتَلُوا أَحَدَ الرَّاعِيَيْنِ وَجَاءَ الْآخَرُ قَدْ جَزَعَ فَقَالَ: قَدْ قَتَلُوا صَاحِبَيَّ وَذَهَبُوا بِالْإِبِلِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الرَّاعِي الْآتِي بِالْخَبَرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاعِي إبِلِ الصَّدَقَةِ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ رِوَايَاتُ الْبُخَارِيِّ فِي أَنَّ الْمَقْتُولَ رَاعِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ. ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ خَيْلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَمِيرُهُمْ كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ وَكُرْزٌ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: " فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً " أَيْ جَمْعَ قَائِفٍ. وَلِمُسْلِمٍ " إنَّهُمْ شَبَابٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَصُّ آثَارَهُمْ ".

وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ أَمِيرَ هَذِهِ السَّرِيَّةِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيُّ، وَالْأَوَّلُ أَنْصَارِيٌّ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِيرُ قَوْمِهِ وَكُرْزٌ أَمِيرُ الْجَمِيعِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ فِي آثَارِهِمْ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ جَرِيرًا تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ بِهِمْ) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَأُدْرِكُوا فَأُخِذُوا فَجِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ ".

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ " بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَاللَّامِ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: السَّمْرُ لُغَةٌ فِي السَّمْلِ وَمَخْرَجُهُمَا مُتَقَارِبٌ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْمِسْمَارِ يُرِيدُ أَنَّهُمْ كُحِلُوا بِأَمْيَالٍ قَدْ أُحْمِيَتْ، قَالَ: وَالسَّمَلُ: فَقْءُ الْعَيْنِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:

وَالْعَيْنُ بَعْدَهُمْ كَأَنَّ حِدَاقَهَا ... سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ

وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِمَعْنَى السَّمْرِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ بِلَفْظِ: " فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ. . . إلَخْ ". قَوْلُهُ: (وَمَا حَسَمَهُمْ) أَيْ لَمْ يَكْوِ مَا قَطَعَ مِنْهُمْ بِالنَّارِ لِيَنْقَطِعَ الدَّمُ بَلْ تَرَكَهُ يَنْزِفُ. قَوْلُهُ: (يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا " وَفِي أُخْرَى لَهُ: يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ " وَفِي أُخْرَى لَهُ فِي الطِّبِّ، " قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْت الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدُمُ الْأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ ".

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: " يَعَضُّ الْأَرْضَ لِيَجِدَ بَرْدَهَا مِمَّا يَجِدُ مِنْ الْحَرِّ وَالشِّدَّةِ ". قَوْلُهُ: (وَصَلَبَهُمْ) حُكِيَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>