كُنْت تَكَهَّنْت لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إلَّا أَنِّي خَدَعْته، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَإِذَا الَّذِي أَكَلْت مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) .
٣٢١٠ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .
ــ
[نيل الأوطار]
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. قَوْلُهُ: (لَيْسُوا بِشَيْءٍ) مَعْنَاهُ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ وَأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِيهِ جَوَازُ إطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى مَا كَانَ بَاطِلًا انْتَهَى. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لِعَدَمِ نَفْعِهِ كَالْمَعْدُومِ الَّذِي لَا وُجُودَ لَهُ قَوْلُهُ: (تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ، وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُهَا، وَمَعْنَاهُ اسْتَرَقَهُ وَأَخَذَهُ بِسُرْعَةٍ. قَوْلُهُ: (فَيَقُرُّهَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ: الْقَرُّ: تَرْدِيدُك الْكَلَامَ فِي أُذُنِ الْمُخَاطَبِ حَتَّى يَفْهَمَهُ تَقُولُ قَرَرْته فِيهِ أَقُرُّهُ قُرًّا. قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْجِنِّيَّ يَقْذِفُ الْكَلِمَةَ إلَى وَلِيِّهِ الْكَاهِنِ فَتَسْمَعُهَا الشَّيَاطِينُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " يَقُرُّهَا فِي أُذُنِهِ كَمَا تَقُرُّ الْقَارُورَةُ " وَفِي رِوَايَةٍ: لِمُسْلِمٍ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ مِنْ قَرَّ، وَالدَّجَاجَةُ بِالدَّالِ: هِيَ الْحَيَوَانُ: الْمَعْرُوفُ: أَيْ صَوْتُهَا عِنْدَ مُجَاوَبَتِهَا لِصَوَاحِبِهَا. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ قَرَّ الزُّجَاجَةِ بِالزَّايِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمَةُ بِلَفْظِ كَمَا تَقُرُّ الْقَارُورَةُ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْقَارُورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الزُّجَاجَةُ بِالزَّايِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَمَّا مُسْلِمٌ فَلَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ أَنَّهَا الدَّجَاجَةُ بِالدَّالِ، لَكِنَّ رِوَايَةَ الْقَارُورَةِ تُصَحِّحُ الزُّجَاجَةَ. قَالَ الْقَابِسِيُّ: مَعْنَاهُ يَكُونُ لِمَا يُلْقِيهِ إلَى وَلِيِّهِ حِسٌّ كَحِسِّ الْقَارُورَةِ عِنْدَ تَحْرِيكِهَا عَلَى الْيَدِ أَوْ عَلَى صَفَا. قَوْلُهُ: (يَخْلِطُونَ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " يَقْرَفُونَ " بِالرَّاءِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ ضَبَطُوهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِالرَّاءِ، وَالثَّانِي: بِالذَّالِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ مَعْقِلٍ بِالرَّاءِ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ، وَمَعْنَاهُ يَخْلِطُونَ فِيهِ الْكَذِبَ وَهُوَ بِمَعْنَى يَقْذِفُونَ.
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: " يُرَقُّونَ " قَالَ الْقَاضِي: ضَبَطْنَاهُ عَنْ شُيُوخِنَا بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ. قَالَ فِي الْمَشَارِقِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: صَوَابُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيِّ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ يَزِيدُونَ يُقَال: رَقِيَ فُلَانٌ إلَى الْبَاطِلِ بِكَسْرِ الْقَافِ: أَيْ رَفَعَهُ وَأَصْلُهُ مِنْ الصُّعُودِ: أَيْ يَدَّعُونَ فِيهَا فَوْقَ مَا سَمِعُوا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute