للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْكُوفَة، وَذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ.

وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبَابِ وَبِسَائِرِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ اللَّيْث بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَأَصْحَابُهُ.

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ وَسَيَأْتِي بَعْضُهَا. الْقَوْلُ الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، فَيَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ وَلِلنَّقْصِ قَبْلَهُ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْمَزْنِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الصَّادِقُ وَالنَّاصِرُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَبِهِ يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا. قَالَ: وَاسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ عَنْ وَجْهِهَا أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ، وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الْفَرْقُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ بَيِّنٌ فِي ذَلِكَ، السُّجُودَ فِي النُّقْصَانِ إصْلَاحٌ وَجَبْرٌ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْإِصْلَاحُ وَالْجَبْرُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا السُّجُودُ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنَّمَا هُوَ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ، وَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَالِكٌ أَسْعَدُ قِيلًا وَأَهْدَى سَبِيلًا انْتَهَى. وَيَدُلُّ عَلَى هَذِهِ التَّفْرِقَةِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي آخِرِ حَدِيثٍ لَهَا، وَفِيهِ قَالَ: «مَنْ سَهَا قَبْلَ التَّمَامِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَإِذَا سَهَا بَعْدَ التَّمَامِ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ» وَلَكِنْ فِي إسْنَادِهِ عِيسَى بْنُ مَيْمُونِ الْمَدَنِيِّ الْمَعْرُوفُ بِالْوَاسِطِيِّ، وَهُوَ وَإِنْ وَثَّقَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ مَرَّةً: لَا بَأْسَ بِهِ، فَقَدْ قَالَ فِيهِ مَرَّةً: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ. الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ حَدِيثٍ كَمَا وَرَدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا الْمَذْهَبُ مَعَ مَذْهَبِ مَالِكٍ مُتَّفِقَانِ فِي طَلَبِ الْجَمْعِ وَعَدَم سُلُوك طَرِيقِ التَّرْجِيحِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي وَجْهِ الْجَمْعِ.

الْقَوْلُ الْخَامِسُ: إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ حَدِيثٍ كَمَا وَرَدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فَمَا كَانَ نَقْصًا سَجَدَ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَمَا كَانَ زِيَادَةً فَبَعْدَ السَّلَامِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ. الْقَوْلُ السَّادِسُ: أَنَّ الْبَانِيَ عَلَى الْأَقَلِّ فِي صَلَاتِهِ عِنْدَ شَكِّهِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي، وَالْمُتَحَرِّي فِي الصَّلَاةِ عِنْد شَكِّهِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي أَيْضًا، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَبُو حَاتِمٍ بْنُ حِبَّانَ.

قَالَ: وَقَدْ يَتَوَهَّم مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْأَخْبَارِ وَلَا تَفَقَّهَ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ أَنَّ التَّحَرِّيَ فِي الصَّلَاةِ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ التَّحَرِّيَ هُوَ أَنْ يَشُكَّ الْمَرْءُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>