للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨١١ - ثم يجب على القارىء رعاية الترتيب في القراءة، فلو قرأ الشطر الأخير من الفاتحة أولاً، لم يعتد به؛ فإن القرآن معجزٌ، والركن الأَبْين في الإعجاز يتعلق بالنظم والترتيب.

ولو (١) قدم أواخر التشهد، وأخر أوائله، فإن غيره تغيراً يَبطُل به معناه، فلا شك أن ما جاء به ليس محسوباً. وإن تعمد ذلك، بطلت صلاته؛ فإنه جاء بكلام غير منتظم عمداً، وإن كان تقديماً وتأخيراً -وكل كلام مفيد في نفسه- فالذي ذكره الأئمة: أن ذلك لا يضر؛ فإنه جاء بالتشهد، وليس الكلام معجزاً في نفسه، فيؤثرَ فيه تبديل الترتيب، والمعنى لم يختلف.

وذكر شيخي فى التشهد -إذا غير ترتيبه تغييراً تقديماً أو تأخيراً- وجهين، وليس ذلك بعيداً، وهو بعينه الخلاف المذكور فيه، إذا قال الأكبر الله؛ فإنه في تغيير الترتيب تاركٌ لطريق الاتباع، وقد ذكرنا أن معتمد الشافعي في العبادات البدنية التي لا تتعلق بأغراض جزويّة (٢) مفهومة - الاتباعُ (٣).

فهذا تفصيل القول في رعاية الترتيب.

٨١٢ - وذكر العراقيون وجهاً أن ترك الموالاة بالسكوت الطويل قصداً عمداً، لا يبطل القراءة، وهذا مزيف متروك، وإن كان لا يبعد توجيهه.

وتجب أيضاً رعاية الموالاة في القراءة، فلا ينبغي أن يخلل القارىء بين قراءته سكوتاً طويلاً يقطع الولاء، أو ذكراً ليس من القراءة، فإن تخلل سكوتٌ طويل -


(١) هذا استطراد للحديث عن الترتيب في التشهد، ليظهر الفرق بين ما تجب رعاية النظم فيه، وما يكتفى فيه بأداء المعنى.
(٢) كذا في الأصل، وفي (ت ١)، وفي (ت ٢): حزويه، وفي ط: جزءية (كذا): وواضح من السياق أن المعنى المقصود هو الأغراض الجزئية في مقابلة القضايا الكلية للشريعة ومقاصدها، فالمعنى: أن قراءة الفاتحة وقراءة التشهد من العبادات التي لا تتعلق بمقاصد خاصة بها يمكن إدراكها، ولذا فالمذهب فيها الاتباعُ.
(٣) خبر (أن) في قوله: "أن معتمد الشافعي ... ".